ابن خَدِيجٍ قَالَ: قَدِمَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمَدِينَةَ وَهُمْ يُأَبِّرُونَ النَّخْلَ فَقَالَ: (مَا تَصْنَعُونَ؟) قَالُوا: كُنَّا نَصْنَعُهُ، قَالَ: (لَعَلَّكُمْ لَوْ لَمْ تَفْعَلُوا كَانَ خَيْرًا) فَتَرَكُوهُ فَنَفَضَتْ، فَذَكَرُوا ذَلِكَ لَهُ فَقَالَ: (إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ إِذَا أمرتكم بشئ مِنْ دِينِكُمْ فَخُذُوا بِهِ وَإِذَا أمَرْتُكُمْ بشئ من رأى فَإِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ) وَفِي رِوَايَةِ أَنَسٍ (أَنْتُمْ أَعْلَمُ بِأَمْرِ دُنْيَاكُمْ) وَفِي حَدِيثٍ آخَرَ (إِنَّمَا ظَنَنْتُ ظنا فلا تؤاخذني بِالظَّنِّ) وَفِي حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي قِصَّةِ الْخَرْصِ فَقَالَ رَسُولُ اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْه وَسَلَّم (إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ فَمَا حَدَّثْتُكُمْ عَنِ اللَّهِ فَهُوَ حَقٌّ وَمَا قُلْتُ فِيهِ مِنْ قِبَلِ نَفْسِي فَإِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ أخطئ وَأُصِيبُ) وَهَذَا عَلَى مَا قَرَّرْنَاه فِيمَا قاله من قِبَل نَفْسِه فِي أُمُور الدُّنْيَا وظنه من أحوالها لَا مَا قاله من قَبْل نفسه واجتهاده فِي شرع شرعه وسنة سنها وكما حكى ابن إسحاق إنَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْه وَسَلَّم لَمَّا نَزَلَ بأدنى مياه بدر قَال لَه الحباب ابن المنذر: أهذا منزل أنزلكه اللَّه لَيْس لَنَا أَنّ نتقدمه أم هُو الرأي والحرب والمكيدة؟ قَال (لَا بَل هُو الرَّأي والْحَرْب والمكيدة) قَال فَإنَّه لَيْس بِمَنْزِل، أنْهَض حَتَّى نَأْتِي أدْنى ماء من القوم فننزله ثُمّ نَغَوَّر مَا وراءه