ويروثه ذَلِك مِن الْكِبْر وَالعُجْب والتَّعَاطِي والدَّعْوَى وإن نُزّه عَن هَذِه الرَّذَائِل الْأَنْبِيَاء فَغَيْرُهُم بمَدْرَجَة سَبِيلِهَا وَدَرَك لَيلِها إلَّا من عَصَمَه اللَّه فالتّحَفُّظ مِنْهَا أوْلَى لِنَفْسِه وَلِيُقْتَدَى بِه، ولهذا قَال صَلَّى اللَّه عَلَيْه وَسَلَّم تَحَفُظًا من مِثْل هذا مما قَد عُلِم بِه (أَنَا سَيِّدُ وَلَدِ آدَمَ وَلَا فَخْرَ) وَهَذَا الْحَدِيثُ إحدى حججا لقائلين بِنُبُوَّةِ الْخَضِرِ لِقَوْلِهِ فِيهِ أَنَا أَعْلَمُ مِنْ مُوسَى وَلَا يَكُونُ الْوَلِيُّ أَعْلَمَ مِنَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، وأما الأنبياء فيتفاضلون فِي الْمَعَارِفِ وَبِقَوْلِهِ وَمَا فَعَلْتُهُ عَنْ أَمْرِي، فَدَلَّ أَنَّهُ بِوَحْيٍ،
وَمَنْ قَالَ أَنَّهُ لَيْسَ بِنَبِيٍّ قَالَ يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ فَعَلَهُ بِأَمْرِ نَبِيٍّ آخَرَ، وَهَذَا يَضْعُفُ لِأَنَّهُ مَا علما أَنَّهُ كَانَ فِي زَمَنِ مُوسَى نَبِيٌّ غَيْرُهُ إِلَّا أَخَاهُ هَارُونَ وَمَا نَقَلَ أَحَدٌ مِنْ أَهْلِ الْأَخْبَارِ فِي ذَلِكَ شَيْئًا يُعَوَّلُ عَلَيْهِ، وَإِذَا جَعَلْنَا أَعْلَمَ مِنْكَ لَيْسَ عَلَى الْعُمُومِ وَإِنَّمَا هُوَ عَلَى الْخُصُوصِ وَفِي قَضَايَا مُعَيَّنَةً لَمْ يَحْتَجْ إِلَى إِثْبَاتِ النبوة خِضْرٍ، وَلِهَذَا قَالَ بَعْضُ الشَّيُوخِ كَان مُوسَى أَعْلَم مِن الخَضر فِيمَا أخَذ عَن اللَّه وَالخَضِر أَعْلَم فِيمَا دُفِع إليْه من مُوسَى، وَقَال آخَر إنَّمَا أُلجِئ مُوسَى إِلَى الخَضِر لِلتَّأْدِيب لَا لِلتَّعْلِيم
فصل وَأَمَّا مَا يَتَعَلَّق بالجَوَارِح مِن الْأعْمَال وَلَا يَخْرُج من جُمْلَتِهَا القول باللسان