ذَلِك لَنُقِل كَمَا نُقِل من قِصَّتِه عَلَيْه السَّلَام رُجُوعُه صَلَّى اللَّه عَلَيْه وَسَلَّم عَمَّا أشَار بِه عَلَى الْأَنْصَار في تلقيح النحل وَكَان ذَلِك رَأيًا لَا خَبَرًا وَغَيْر ذَلِك مِن الْأُمُور التي لَيْسَت من هَذَا الْبَاب كَقَوْلِه وَاللَّهِ لَا أَحْلِفُ عَلَى يَمِينٍ فَأُرَى غَيْرُهَا خَيْرًا مِنْهَا إِلَّا فَعَلْتُ الَّذِي حَلَفْتُ عَلَيْهِ وَكَفَّرْتُ عَنْ يَمِينِي، وَقَوْلُهُ إِنَّكُمْ تَخْتَصِمُونَ إِلَيَّ - الْحَدِيث - وَقَوْلُه اسْقِ يَا زُبَيْرُ حَتَّى يبلغ الماء الجدر كَمَا سَنُبَيِّنُ كُلَّ مَا فِي هَذَا مِنْ مُشْكِلِ مَا فِي هَذَا الْبَاب وَالَّذي بَعْدَه إن شَاء اللَّه مَع أشْبَاهِهِمَا وَأيْضًا فإن الْكَذِب مَتَى عُرف من أحَد فِي شئ مِن الْأَخْبَار بِخِلَاف مَا هُو عَلَى أَي وَجْه كَان اسْتُرِيب بِخَبَره واتُّهم فِي حَديثه وَلَم

يَقَع قَوْله فِي النُّفُوس مَوْقعًا ولهذا تَرَك المُحَدّثُون وَالْعُلمَاء الْحَدِيث عَمَّن عُرِف بِالْوَهْم وَالْغَفْلَة وَسُوء الْحِفْظ وَكَثْرَة الْغَلَط مَع ثِقَتِه وَأيْضًا فَإنّ تَعَمُّد الْكَذِب في أُمُور الدُّنْيَا مَعْصِيَة وَالإكْثَار مِنْه كَبِيرَة بِإجْمَاع مُسْقِط لِلْمُرُوءَة وَكُلّ هَذَا مِمَّا يُنَزَّه عَنْه مَنْصِب النُّبُوَّة وَالمَرَّة الْوَاحِدَة مِنْه فِيمَا يستبشع ويستشنع مِمَّا يُخِلّ بِصَاحِبهَا ويزري بقائلها لا حقة بِذَلِك وَأَمَّا فِيمَا لَا يَقَع هَذَا الموْقِع فإن عَدَدْناهَا مِن الصَّغَائِر فهل تَجْرِي عَلَى حُكْمهَا فِي الخِلَاف فِيهَا مُخْتَلف فِيه وَالصَّوَاب تَنْزِيه النُّبُوَّة عَن قَلِيلِه وَكَثِيرِه وَسَهْوِه وَعَمْدِه إِذ عُمْدَة النُّبُوَّة الْبَلَاغ وَالإعْلَام وَالتَّبْيين وَتَصْدِيق مَا جاء بِه النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْه وسلم وتجويز شئ من هَذَا قَادِح فِي ذَلِك وَمُشَكّك فِيه مُنَاقِض لِلْمُعْجِزَة فَلْنَقْطَع عَن يَقِين بَأنَّه لَا يَجُوز

طور بواسطة نورين ميديا © 2015