بالنُّبُوَّة وَإظْهَارِه وَاصْطِفَائِه لَه بالرّسَالَة وَمِثْلُه حَدِيث عَمْرِو بْنِ شُرَحْبِيل أنَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْه وَسَلَّم قَال لِخَدِيجَة (إِنِّي إِذَا خَلَوْتُ وَحْدِي سَمِعْتُ نِدَاءً وَقَدْ خَشِيتُ وَاللَّهِ أَنْ يكون هذا لِأَمْرٌ) وَمِنْ رِوَايَة حَمَّاد بن سَلَمَة أَنّ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْه وَسَلَّم قَال لخدِيجة: إني لأَسْمَع صَوْتًا وَأَرَى ضَوْءًا وَأخْشَى أَنّ يَكُون بي جُنُون وعلى هذا يتأول لو صح قوله فِي بَعْضِ هَذِهِ الأحاديث إن الأبعد شَاعِر أو مَجْنُون وَألْفَاظًا يُفْهَم مِنْهَا مَعَانِي الشك فِي تَصْحِيح مَا رَآه وَأنَّه كَان كُلُّه فِي ابْتِدَاء أمْرِه وَقَبْل لِقَاء الْمَلَك لَه وَإعْلام اللَّه لَه أنَّه رسولُه فَكَيْف وَبَعْض هَذِه الألْفَاظ لَا تَصِحّ طُرُقُهَا، وَأَمَّا بَعْد إعْلَام اللَّه تَعَالَى لَه وَلِقَائِه الْمَلَك فَلَا يَصِحّ فِيه رَيْب وَلَا يَجُوز عَلَيْه شَكّ فيمَا أُلْقِي إليْه وَقَد رَوَى ابن إِسْحَاق عَن شُيُوخِه أَنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم كَان يُرْقَى بِمَكَّة مِن الْعَيْن قَبْل أن يُنْزَل عَلَيْه فَلَمّا نَزَل عَلَيْه الْقُرْآن أصَابَه نَحْو مَا كَان يُصِيبُه فَقالت لَه خدِيجة أُوَجّه إِلَيْك من يَرْقيك قَال أَمَّا الآن فَلَا، وَحَدِيث خديجة وَاخْتِبَارُها أمْر جِبْرِيل بِكَشْف رَأْسهَا (الْحَدِيث) إنَّمَا ذَلِك فِي حَقّ خَدِيجَة لتحقق صحَّة نُبُوَّة رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْه وَسَلَّم وَأَنّ الَّذِي يَأْتِيه مَلَك وَيَزُول الشَّكّ عَنْهَا لِأَنّهَا فَعَلَت ذَلِك لِلنَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْه وَسَلَّم وَلِيَخْتَبِر هُو حَاله بِذَلِك بَل قَد وَرَد فِي حَدِيث عَبْد اللَّه بن مُحَمَّد بن يَحْيَى بن عُرْوَة عَن هِشَام عَن أَبِيه عَن عَائِشَة أَنّ وَرَقَة أمَر خَديجة أن تُخْبِر الأمْر بِذَلِك، وَفِي حَدِيث إِسْمَاعِيل ابن أَبِي حكيم أنَّهَا قَالَت لرسول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْه وَسَلَّم يَا ابن عمّ هَل