السَّلَام قَال بَلَى وَلَكِن لِيَطْمَئِنّ قَلْبِي، إِذ لَم يَشُكّ إبْرَاهِيم فِي إخْبَار اللَّه تَعَالَى لَه بِإحْيَاء الْمَوْتَى وَلكِن أرَاد طُمَأْنِينَة الْقَلْب وَتَرْك الْمُنَازَعَة لِمُشَاهَدَة الْإحْيَاء فَحَصَل لَه الْعِلْم الأَوَّل بِوُقُوعِه وَأرَاد الْعِلْم الثَّانِي بِكَيْفِيَّتِه وَمُشَاهَدَتِه * الْوَجْه الثَّانِي أَنّ إبْرَاهِيم عَلَيْه السَّلَام إِنَّمَا أراد احتبار مَنْزِلَتِه عِنْد رَبّه وَعِلْم إِجَابَتِه دَعْوَتَه بِسُؤَال ذَلِك من رَبّه ويَكُون قَوْله تعالى (أو لم تؤمن) أي تُصَدّق بِمَنْزِلَتِك مِنّي وَخُلَّتِك وَاصْطِفَائِك * الْوَجْه الثالث أنَّه سَأل زِيَادَة يَقِين وَقُوَّة طُمَأْنِينَة وَإِنّ لَم يَكُن فِي الأَوَّل شَكّ إِذ الْعُلُوم الضَّرُورِيَّة والنَّظَرِيّة قَد تَتَفَاضَل فِي قُوَّتِهَا، وَطَرَيَان الشُّكُوك عَلَى الضَّرُورِيَّات مُمْتَنِع ومُجَوَّز فِي النَّظَرِيَّات، فَأرَاد الانْتِقَال مِن النظر أو الخير إلى مشاهدة وَالتَّرَقّي من عِلْم الْيَقِين إِلَى عَيْن اليقين فليس الْخَبَر كَالْمُعَاينة، ولهذا قَال سَهْل بن عَبْد اللَّه سَأل كَشْف غِطَاء الْعِيَان لِيَزْدَاد بِنُور الْيَقِين تَمَكُّنًا فِي حَالِه * الْوَجْه الرابع أنَّه لَمّا احْتَجّ عَلَى المُشْرِكِين بأنّ رَبَّه يُحْيِي وَيُمِيت طَلَب ذَلِك من رَبّه لِيَصِحّ احْتِجَاجُه عِيَانًا * الوجه الخامس قول بَعْضهم هُو سُؤال عَلَى طَرِيق الْأَدَب، المراد أقْدِرْني عَلَى إحْيَاء الْمَوْتَى، وَقَوْلُه لِيَطْمَئِنّ قَلْبِي عن هَذِه الْأُمْنِية * الْوَجْه السادس أنَّه أرَى من نَفْسِه الشَّكّ وَمَا شَكّ لكِن لِيُجَاوَب فَيزْدَاد قُرْبُه وقول نبِينا صَلَّى اللَّه عَلَيْه وَسَلَّم نَحْن أحَقّ بالشَّكّ من إبْرَاهِيم نَفْي لِأَن يَكون إبْرَاهِيم شَكّ وإبْعَاد للخواطر الضعفية أن تَظُنّ هَذَا بِإبْرَاهِيم أَي نَحْن مُوقِنُون بِالْبَعث وَإحْيَاء الله موتى، فلو شَكّ إبْرَاهِيم لكنَّا أوْلى بالشَّكّ مِنْه إِمَّا عَلَى طريق الأدب