لِبَعْضٍ وَلِكنْ عَظِّمُوهُ وَوَقِّرُوهُ وَنَادُوهُ بأشْرَفِ مَا يُحِبُّ أنْ يُنَادَى بِهِ: يَا رَسُولَ اللَّه يَا نَبِيَّ اللَّه، وَهَذَا كَقَوْلِهِ فِي الآيَة الْأُخْرى (لا تَجْعَلُوا دُعَاءَ الرَّسُولِ بَيْنَكُمْ كَدُعَاءِ بَعْضِكُمْ بَعْضًا) عَلَى أَحَدِ التَّأْوِيلَيْنِ وَقَالَ غَيْره لَا تحاطبوه إلَّا مُسْتَفْهِمِينَ، ثُمَّ حوفهم اللَّه تَعَالَى بِحَبْطِ أَعْمَالِهِمْ إنْ هُمْ فَعَلُوا ذَلِكَ وَحَذَّرَهُمْ مِنْهُ، قِيلَ نَزَلَت الآيَةُ فِي وَفْدِ بَنِي تَمِيمٍ وَقِيلَ فِي غَيْرِهِمْ أتَوا النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَنَادُوهُ يَا مُحَمَّدُ يَا مُحَمَّدُ اخْرُجْ إِلَيْنَا فَذَمَّهُمُ اللَّه تَعَالَى بالجَهْلِ وَوَصَفَهُمْ بِأنَّ أَكْثَرَهُمْ لَا يَعْقِلُونَ، وَقِيلَ نَزَلَتِ الآيَةُ الْأُولَى فِي مُحَاوَرَةٍ كَانَتْ بَيْنَ أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ بَيْنَ يَدَي النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَاخْتِلَافٍ جَرَي بَيْنَهُمَا حَتَّى ارْتَفَعتْ أصْوَاتُهُمَا وَقِيلَ نَزَلَتْ فِي ثَابِتِ بن قَيْسِ بن شَمَّاسٍ خَطِيبِ النَّبِيّ صَلَّى الله عليه وسلم في مخافرة بَنِي تَمِيمٍ وَكَانَ فِي أُذُنَيْهِ صَمَمٌ فَكَانَ يَرْفَعُ صَوْتَهُ، فَلَمّا نَزَلَتْ هَذِهِ الآيَةُ أَقَامَ فِي مَنْزِلِهِ وَخَشِيَ أَنَّ يَكُونَ حَبِطَ عَمَلُهُ ثُمَّ أتَى النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ يَا نَبِيّ اللَّه لَقَدْ خَشِيتُ أنْ أكُونَ هَلَكْتُ، نَهَانَا اللَّه أنْ نَجْهَرَ بِالْقَولِ وَأنا امْرُؤ جَهِيرُ الصَّوْتِ، فَقَالَ النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (يَا ثَابِتُ أَمَا تَرْضَى أَنْ تَعِيشَ
حَمِيدًا وَتُقْتَلَ شَهِيدًا وَتَدْخُلَ الْجَنَّةَ؟) فَقُتِلَ يَوْمَ الْيَمَامَةِ، وَرُويَ أَنَّ أَبَا بَكْرٍ لَمّا نَزَلَتْ هَذِهِ الآيَةُ قَالَ والله يَا رَسُولَ اللَّه لَا أُكَلّمُكَ بَعْدَهَا إلَّا كأخِي السّرَارِ وَأَنَّ عُمَرَ كَانَ إذَا حَدّثَه حَدّثَه كَأخِي السّرَارِ مَا كَانَ يُسْمِعُ رَسُولَ اللَّه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعْدَ هَذِهِ الآيَةِ حَتَّى يَسْتَفْهِمَهُ فأنْزَلَ الله