فصل قَالَ الْقَاضِي أَبُو الْفَضْلِ رَحِمَهُ اللَّه قَدْ أَتَيْنَا فِي هَذَا الْبَابِ عَلَى نُكَتٍ من مُعْجِزَاتِهِ وَاضِحَةٍ وَجُمَلٍ من عَلَامَاتِ نُبُوَّتِهِ مُقْنِعَةٍ فِي وَاحِدٍ مِنْهَا الْكِفَايَةُ وَالْغُنيَةُ وَتَرَكْنَا الْكَثِيرَ سِوَى مَا ذَكَرْنَا وَاقْتَصَرْنَا مِنَ الْأَحَادِيثِ الطّوَالِ عَلَى عَيْنِ الْغَرَضِ وَفَصّ الْمَقْصِدِ وَمِنْ كَثِيرِ الْأَحَادِيثِ وَغَرِيبِهَا عَلَى مَا صَحَّ وَاشْتَهَرَ إلَّا يَسِيرًا من غَرِيبهِ مِمَّا ذَكَرَهُ مَشَاهِيرُ الْأَئِمَّةِ وَحَذَفْنَا الْإِسْنَادَ فِي جُمْهُورِهَا طَلَبًا لِلاخْتِصَارِ وَبِحَسْبِ هَذَا الْبَابِ لَوْ تُقُصّيَ أنْ يَكُونَ دِيوانًا جَامِعًا يَشْتَمِلُ عَلَى مُجَلَّدَاتٍ عِدَّةٍ * وَمُعْجِزَاتُ نَبِيِّنَا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَظْهَرُ من سَائِرِ مُعْجِزَاتِ الرُّسُلِ بِوَجْهَيْنِ أَحَدُهُمَا كَثْرَتُهَا وَأنَّهُ لَمْ يُؤْتَ نَبِيٌّ مُعْجِزَةٌ إلَّا وعند نَبِيّنَا مِثْلُهَا مو ما هو أبلغا مِنْهَا وَقَدْ نَبَّهَ النَّاسُ عَلَى ذَلِكَ فَإِنْ أَرَدْتَهُ فَتَأَمَّلْ فُصُولَ هَذَا الْبَابِ وَمُعْجِزَاتِ من تَقَدَّمَ مِنَ الْأَنْبِيَاءِ تَقِفْ عَلَى ذَلِكَ إنْ شَاءَ اللَّه، وَأَمَّا كَوْنُهَا كَثِيرَةٌ فَهَذَا الْقُرْآنُ، وَكُلُّهُ مُعْجِزٌ وَأَقَلُّ مَا يَقعُ الْإِعَجَازُ فِيهِ عِنْدَ بَعْضِ أَئِمَّةِ الْمُحَقِّقِينَ سورة (إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ) أَوْ آيَةٌ فِي قَدْرِهَا وَذَهَبَ بَعْضُهُمْ إِلَى أَنَّ كُلَّ آيَةٍ مِنْهُ كَيْفَ كَانَتْ مُعْجِزَةً وَزَادَ آخَرُونَ أَنَّ كُلَّ جُمْلَةٍ مُنْتَظِمَةٍ مِنْهُ مُعْجِزَةٌ وَإِنْ كَانَتْ من كَلِمَةٍ أَوْ كَلِمَتَيْنِ وَالْحَقّ مَا ذكرناه أولا لقول تَعَالَى (فَأْتُوا بِسُورَةٍ من مثله) فَهُوَ أَقَلُّ مَا تَحَدَّاهُمْ بِهِ مَعَ مَا يَنْصُرُ هَذَا من نَظَرٍ وَتَحْقِيقٍ يَطُولُ بَسْطُهُ وَإذَا كَانَ هَذَا فَفِي الْقُرْآنِ مِنَ الْكَلِمَاتِ نحو