شيئا فلما كله فِي ذَلِكَ قَالَ لَهُ والله مَا هَمَمْتُ أنْ أَضْرِبَهُ إلَّا وَجَدْتُكَ بَيْنِي وَبَيْنهُ أَفَأَضْرِبُكَ؟ وَمِنْ عصْمَتِهِ لَهُ تَعَالَى أَنَّ كَثِيرًا مِنَ الْيَهُودِ وَالْكَهَنَةِ أَنْذَرُوا بِهِ وَعَيَّنُوهُ لِقُرَيْشٍ وَأَخْبَرُوهُمْ بسوطته بِهِمْ وَحَضُّوهُمْ عَلَى قَتْلِهِ فَعَصَمَهُ اللَّه تَعَالَى حَتَّى بَلَغَ فِيهِ أَمْرَهُ، وَمِنْ ذَلِكَ نَصْرُهُ بِالرُّعْبِ أَمَامَهُ مَسِيرَةَ شهر كَمَا قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
فصل وَمِنْ مُعْجِزاتِهِ الْبَاهِرَةِ مَا جَمَعَهُ اللَّه لَهُ مِنَ الْمَعَارِفِ وَالْعُلُومِ وَخَصَّهُ بِهِ مِنَ الاطّلاعِ عَلَى جَمِيعِ مَصَالِح الدُّنْيَا وَالدّينِ وَمَعْرِفَتِهِ بِأُمُورِ شَرَائعهِ وَقَوانِينِ دِينِهِ وَسِيَاسَةِ عِبَادِهِ وَمَصَالِحِ أُمَّتِهِ وَمَا كَانَ فِي الْأُمَم قَبْلَهُ وَقِصَصِ الْأَنْبِيَاءِ وَالرُّسُلِ وَالْجَبَابرَةِ وَالْقُرُونِ الْمَاضِيَةِ من لَدُنْ آدَمَ إِلَى زَمَنِهِ وَحِفْظِ شِرَائِعِهمْ وَكُتُبُهِمْ وَوَعْي سِيَرِهِمْ وَسَرْدِ أَنْبَائِهِمْ وَأَيَّامِ اللَّه فِيهِمْ وَصِفَاتِ أعْيَانِهِمْ وَاخْتِلَافِ آرَائِهِمْ وَالْمَعْرِفَةِ بِمُدَدِهِمْ وَأَعْمَارِهِمْ وَحِكَمِ حُكَمائِهِمْ وَمُحاجَّةِ كُلِّ أُمَّةٍ مِنَ الْكَفَرَةِ وَمُعَارَضَةِ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنَ الْكِتَابِيِّينَ بِمَا فِي كُتُبِهِمْ وَإِعْلامِهِمْ بأسرار وَمُخَبَّآتِ عُلُومِهَا وَإِخْبَارِهِمْ بِمَا كَتَمُوهُ من ذَلِكَ وَغَيَّرُوهُ إِلَى الاحْتِوَاءِ عَلَى لُغَاتِ الْعَرَبِ وَغَرِيب أَلْفَاظِ فِرَقهَا وَالْإِحَاطَةِ بِضُرُوبِ فصاحتها والحقظ لأيَّامِهَا وَأَمْثَالِهَا وَحِكَمِهَا وَمَعَانِي أَشْعَارِهَا وَالتَّخْصِيص بِجَوَامِعِ كَلِمهَا إِلَى المَعْرِفَةِ بِضَرْبِ الْأَمْثَالِ الصَّحِيحَةِ وَالحِكَمِ البَيّنَةِ