يَسْتَجْلِبُونَ بِتِلْكَ اللُّحُونِ تَنْشِيطَهُمْ عَلَى قِرَاءَتِهَا وِلِهَذَا وَصَفَ رَسُولُ اللَّه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْقُرْآنَ بِأنَّهُ لَا يَخْلَقُ عَلَى كَثْرَةِ الرَّدّ وَلَا تَنْقَضِي عِبَرُهُ وَلَا تَفْنَى عَجَائِبُهُ، هُوَ الْفَصْلُ لَيْسَ بِالْهَزْلِ لَا يَشْبَعُ مِنْهُ الْعُلمَاءُ وَلَا تَزِيغُ بِهِ الْأَهْوَاءُ وَلَا تَلْتَبِسُ بِهِ الْأَلْسِنَةُ هُوَ الَّذِي لَمْ تَنْتَهِ الْجِنُّ حين سَمِعَتْهُ أَنْ قَالُوا (إِنَّا سَمِعْنَا قرآنا عجبا يهدى إلى الرشد) وَمِنْهَا جَمْعُهُ لِعُلُومِ وَمَعَارِفَ لَمْ تَعْهَدِ الْعَرَبُ عَامّةً وَلَا مُحَمَّدٌ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَبْلَ نُبُوَّتِهِ خَاصَّةً بِمَعْرِفَتِهَا وَلَا الْقِيَامِ بِهَا وَلَا يُحِيطُ بِهَا أَحَدٌ من عُلمَاءِ الْأُمَم وَلَا يَشْتَمِلُ عَلَيْهَا كِتَابٌ من كُتُبِهِمْ فَجُمِعَ فِيهِ من بَيَانِ عِلْمِ الشَّرَائِعِ وَالتَّنْبِيهِ عَلَى طُرُق الْحُجَجِ الْعَقْليَّاتِ وَالرَّدّ عَلَى فِرقِ الْأُمَم بِبَرَاهِينَ قَويّةٍ وَأَدِلَّةٍ بَيّنَةٍ سَهْلَةِ الْأَلْفَاظِ مُوجَزَة الْمَقَاصِدِ رَامَ الْمُتَحَذْلِقُونَ بَعْدَ أَنْ يَنْصِبُوا أَدِلَّةً مِثْلَهَا فَلَمْ يَقْدِرُوا عَلَيْهَا كَقَوْلِهِ تَعَالَى (أَو لَيْس الَّذِي خَلَقَ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضَ بِقَادِرٍ عَلَى أَنْ يَخْلُقَ مِثْلَهُمْ؟ بَلَى) و (قُلْ يُحْيِيهَا الَّذِي أَنْشَأَهَا أَوَّلَ مَرَّةٍ) و (لَوْ كَانَ فِيهِمَا آلِهَةٌ إِلا اللَّهُ لَفَسَدَتَا) إِلَى مَا حَوَاهُ من عُلُومِ السّيَرِ وَأَنْبَاءِ الْأُمَم وَالْمَوَاعِظِ وَالْحِكَمِ وَأَخْبَار الدَّار الآخِرَةِ وَمَحَاسِنِ الآدَابِ وَالشِّيَمِ قَالَ اللَّه جَلَّ اسْمُهُ (مَا فَرَّطْنَا فِي الْكِتَابِ من شئ) (وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تبيانا لكل شئ) ، (ولقد