الرَّحِمَ أنْ يَكُفَّ وَفِي رِوَايَةٍ فَجَعَلَ النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقْرَأُ وَعُتْبَةُ مُصْغٍ مُلْقٍ يَدَيْهِ خَلْفَ ظَهْرِهِ مُعْتَمِدٌ عَلَيْهَمَا حَتَّى انْتَهَى إِلَى السَّجْدَةِ فَسَجَد النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَامَ عُتْبَةُ لَا يَدْرِي بم يُرَاجِعُهُ وَرَجَعَ إِلَى أَهْلِهِ وَلَمْ يَخْرُجْ إِلَى قَوْمِهِ حَتَّى أَتَوْهُ فَاعْتَذَرَ لَهُمْ وَقَالَ والله لقد كلمتي بِكَلَامٍ والله مَا سَمِعْتُ أذنايَ بِمِثْلِهِ قَطُّ فَمَا دَرَيْتُ مَا أَقُولُ لَهُ، وَقَدْ حُكِيَ عَنْ غَيْرِ وَاحِدٍ مِمَّنْ رَامَ مُعَارَضتَهُ أنَّهُ اعْتَرتْهُ رَوْعَةٌ وَهَيْبَةٌ كَفَّ بِهَا عَنْ ذَلِكَ فَحُكِيَ أَنَّ ابن المُقَفَّعِ طَلَبَ ذَلِكَ وَرَامَهُ وَشَرَعَ فِيهِ فَمَرَّ بِصَبِيٍّ يَقْرَأُ (وَقِيلَ يَا أَرْضُ ابْلَعِي مَاءَكِ) فرجع فمحى مَا عَمِلَ وَقَالَ أَشْهَدُ أَنَّ هَذَا لَا يُعَارَضُ وَمَا هُوَ من كَلَامِ الْبَشَرِ وَكَانَ من أَفصْحِ أَهْلِ وَقْتِهِ وَكَانَ يَحْيَى بن حَكَم الْغَزَالُ بَلِيغَ الْأَنْدَلُسِ فِي زَمَنِهِ فَحُكِيَ أنَّهُ رَامَ شَيْئًا من هَذَا فَنَظَرَ فِي سُورَةِ الْإِخْلَاصِ ليَحْذُوَ عَلَى مِثَالِهَا وَيَنْسُجَ بِزَعْمِهِ عَلَى مِنْوَالِهَا قَالَ فَاعْتَرَتْنِي مِنْهُ خَشْيَةٌ ورفة حَمَلَتْنِي عَلَى التَّوْبَةِ وَالْإِنَابَة.
(فصل) وَمِنْ وُجُوهِ إِعْجَازِهِ الْمَعْدُودَةِ كَوْنُهُ آيَةً باقِيَةً لَا تُعْدَمُ مَا بَقِيتِ الدُّنْيَا مَعَ تَكَفُّلِ اللَّه تَعَالَى بِحِفْظِهِ فَقَالَ (إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ) وَقَالَ (لا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلا مِنْ خلفه) الآيَةَ وَسَائِرُ مُعْجِزَاتُ الْأَنْبِيَاءِ انْقَضَتْ بِانْقِضَاءِ أوْقَاتِهَا فَلَمْ يَبْقَ إلا