وَوَصَفَ أَخَاهُ أُنيسًا فَقَالَ والله مَا سَمِعْتُ بِأَشْعَرَ من أَخِي أُنَيْسٍ لَقَدْ نَاقَضَ اثْنَي عَشَرَ شَاعِرًا فِي الْجَاهِلِيَّةِ أنا أحدهم وأنه انْطَلَقَ إِلَى مَكَّةَ وَجَاءَ إِلَى أَبِي ذَرّ بِخَبَرِ النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قُلْتُ فما يَقُولُ النَّاسُ قَالَ يَقُولُون شَاعِرٌ كَاهِنٌ سَاحِرٌ لَقَدْ سَمِعْتُ قَوْلَ الْكَهَنَةِ فما هُوَ بِقَوْلِهِمْ وَلَقَدْ وَضَعْتُهُ عَلَى أَقْرَاءِ الشّعْر فلم يَلْتَئِمْ وَمَا يَلْتَئِمُ عَلَى لِسَانٍ أَحَدٍ بَعْدِي أنَّهُ شِعْرٌ وإنَّهُ لَصَادِقٌ وَإنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ، وَالْأَخْبَارُ فِي هَذَا صَحِيحَةٌ كَثِيرَةٌ وَالْإِعْجازُ بِكُلّ وَاحِدٍ مِنَ النَّوْعَينْ الْإِيجَازُ وَالْبَلَاغَةُ بِذَاتِهَا وَالْأُسْلُوبُ الغَرِيبُ بِذَاتِهِ
كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا نَوْعُ إعْجَازٍ عَلَى التَّحْقِيقِ لَمْ تَقْدِرِ الْعَرَبُ عَلَى الْإِتْيَانِ بِوَاحِدٍ مِنْهُمَا إِذْ كُلُّ وَاحِدٍ خَارجٍ عَنْ قُدْرَتِهَا مُبَايِنٌ لِفَصَاحَتِهَا وَكَلَامِهَا، وَإِلَى هَذَا ذَهَبَ غَيْرُ وَاحِدٍ من أَئِمَّةِ الْمُحَقّقِينَ وَذَهَبَ بَعْضُ الْمُقتَدَى بهم إِلَى أَنَّ الإعْجَازَ فِي مَجْمُوعِ البلاغَةِ وَالْأسْلُوبِ وَأتَى عَلَى ذَلِكَ بِقَوْلٍ تَمُجُّهُ الْأَسْمَاعُ وَتَنْفِرُ مِنْهُ الْقُلُوبُ وَالصَّحِيحُ مَا قَدَّمْنَاهُ وَالْعِلْمُ بِهَذَا كله ضرورة وقطعا وَمَنْ تَفَنَّنَ فِي عُلُومِ الْبَلَاغَةِ وَأرْهَفَ خَاطِرَهُ وَلِسَانَهُ أَدَبَ هَذِهِ الصّنَاعَةِ لَمْ يَخْفَ عَلَيْهِ مَا قُلْنَا وَقَد اخْتَلَفَ أئمة أَهْلُ السُّنَّةِ فِي وَجْهِ عَجْزِهِمْ عَنْهُ فَأَكْثَرُهُمْ يَقُولُ إنَّهُ مِمَّا جُمِعَ فِي قُوَّةٍ جَزالتِهِ وَنَصَاعَةِ ألْفَاظِهِ وَحُسْنِ نَظْمِهِ وإيجازه وبديع تأليفهم وَأُسْلُوبِهِ لَا يَصِحُّ أن يكون في