نَحْوَ مَا تَقَدَّمَ، وَمِنْ رِوَايَةِ أُنَيْسٍ سَمِعْتُ رسول الله صلى الله عليه وَسَلَّمَ يَقُولُ (لأَشْفَعَنَّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ لِأَكْثَرَ مِمَّا فِي الْأَرْضِ مِنْ حَجَرٍ وَشَجَرٍ) فَقَدِ اجْتَمَعَ مِنِ اخْتِلافِ أَلْفَاظِ هَذِهِ الآثَارِ أَنَّ شَفَاعَتَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَمَقَامَهُ الْمَحْمُودَ مِنْ أَوَّلِ الشَّفَاعَاتِ إِلَى آخِرِهَا مِنْ حِينِ يَجْتَمِعُ النَّاسُ لِلْحَشْرِ وَتَضِيقُ بِهِمُ الحاجر ويَبْلغُ مِنْهُم الْعَرَقُ وَالشَّمْسُ وَالْوُقُوفُ مَبْلَغَهُ
وَذَلِكَ قَبْلَ الْحِسَابِ فَيَشْفَعُ حِينئذٍ لإراحَةِ النَّاسِ مِنَ الْمَوْقِفِ ثُمَّ يُوضَعُ الصّرَاطُ وَيُحَاسَبُ النَّاسُ كَمَا جاءَ فِي الْحَدِيثَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ وَحُذَيْفَةَ وَهَذَا الْحَدِيثُ أَتْقَنُ فَيَشْفَعُ فِي تَعْجِيلِ من لَا حِسَابَ عَلَيْهِ من أُمَّتِهِ إِلَى الْجَنةِ كَمَا تَقَدَّمَ فِي الْحَدِيثِ ثُمَّ يَشْفَعُ فِيمَنْ وَجَبَ عَلَيْهِ الْعَذَابُ وَدَخَلَ النَّارَ مِنْهُمْ حَسْبَمَا تَقْتَضِيهِ الْأَحَادِيثُ الصَّحِيحَةُ ثُمَّ فِيمَنْ قَالَ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَلَيْسَ هَذَا لِسوَاهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَفِي الْحَدِيثَ الْمُنْتَشِرِ الصَّحِيحِ (لِكُلِّ نَبِيٍّ دَعْوَةٌ يَدْعُو بها واختبأت دَعْوَتِي شَفَاعَةً لِأُمَّتِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ) قَالَ أَهْلُ الْعِلْمِ مَعْناهُ دَعْوَةٌ أُعْلِمَ أَنَّهَا تُسْتَجابُ لَهُمْ وَيُبْلَغُ فِيهَا مَرْغُوبُهُمْ وَإِلَّا فَكَمْ لِكُلٍّ نَبِيٍّ مِنْهُمْ مِنْ دَعْوَةٍ مُسْتَجَابَةٍ وَلنبيّنَا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْهَا مَا لَا يُعَدُّ لَكِنْ حَالُهُمْ عِنْدَ الدُّعَاءِ بِهَا بَيْنَ الرَّجَاءِ وَالْخَوْف وضُمِنَتْ لَهُمْ إِجَابَةُ دعوة فيما شاؤه يَدْعُونَ بِهَا عَلَى يَقينٍ مِنَ الْإِجَابَةِ، وَقَدْ قَالَ مُحَمَّدُ بن زِيَادٍ وَأَبُو صَالِحٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ فِي هَذَا الحديث