مبادى حَقَائِقِ مَعَارِفِهِ مِمَّا هُوَ أَعْلَمُ بِهِ كَمَا قال تعالى (واسال القرية) أَيْ أَهْلَهَا وَقَوْلُهُ فَقِيلَ مِنْ وَرَاءِ الْحِجَابِ صَدَقَ عَبْدِي أَنَا أَكْبَرُ فَظَاهِرُهُ أَنَّهُ سَمِعَ فِي هَذَا الْمَوْطِنِ كَلامَ اللَّهِ تَعَالَى وَلَكِنْ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ كَمَا قَالَ تَعَالَى (وَمَا كَانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُكَلِّمَهُ اللَّهُ إِلا وَحْيًا أَوْ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ) أَيْ وَهُوَ لَا يَرَاهُ حَجَبَ بَصَرَهُ عَنْ رُؤْيَتِهِ، فَإِنْ صَحَّ الْقَوْلُ بِأَنَّ مُحَمَّدًا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَأَى رَبَّهُ عَزَّ وَجَلَّ فَيَحْتَمِلُ أَنَّهُ فِي غَيْرِ هَذَا الْمَوْطِنِ بَعْدَ هَذَا أَوْ قَبْلَهُ رُفِعَ الْحِجَابُ عَنْ بَصَرِهِ حَتَّى رَآهُ وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

(فصل) ثم اختلف السلف والعلماء هل كان إسراؤه بروحه أو جسده

(فصل) ثُمَّ اخْتَلَفَ السَّلَفُ وَالْعُلَمَاءُ هَلْ كَانَ إِسْرَاؤُهُ بِرُوحِهِ أَوْ جَسَدِهِ عَلَى ثَلاثِ مَقَالاتٍ فَذَهَبَتْ طَائِفَةٌ إِلَى أَنَّهُ إِسْرَاءٌ بِالرُّوحِ وَأَنَّهُ رُؤْيَا مَنَامٍ مَعَ اتِّفَاقِهِمْ أَنَّ رُؤْيَا الْأَنْبِيَاءِ حَقٌّ وَوَحْيٌ وَإِلَى هَذَا ذَهَبَ مُعَاوِيَةُ وَحُكِيَ عَنِ الْحَسَنِ وَالْمشْهُورُ عَنْهُ خِلافُهُ وَإِلَيْهِ أَشَارَ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ وَحُجَّتُهُمْ قَوْلُهُ تَعَالَى (وَمَا جَعَلْنَا الرُّؤْيَا الَّتِي أَرَيْنَاكَ إِلا فتنة للناس) وَمَا حَكَوْا عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا مَا فَقَدْتُ جَسَدَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلم قوله بينا أنا نائم وقوله أَنَسٍ وَهُوَ نَائِمٌ في المسجد

طور بواسطة نورين ميديا © 2015