(فصل) أَمَّا أَصْلُ فُرُوعِهَا وَعُنْصُرُ يَنَابِيعَهَا وَنُقْطَةُ دَائِرَتِهَا فَالْعَقْلُ الَّذِي مِنْهُ يَنْبِعثُ الْعِلْمُ وَالمَعْرِفَةُ وَيَتَفَرَّعُ مِنْ هَذَا ثُقُوبُ الرَّأْيِ وَجَوْدَةُ الْفِطْنَةِ وَالْإِصَابَةُ وَصِدْقُ الظَّنِّ وَالنَّظَرُ لِلْعَوَاقِبِ وَمَصَالِحِ النَّفْسِ وَمُجَاهَدَةُ الشَّهْوَةِ وَحُسْنُ السَّيَاسَةِ وَالتَّدْبِيرِ وَاقْتِنَاءُ الْفَضَائِلِ
وَتجَنُّبُ الرَّذَائِلِ، وَقَدْ أَشَرْنَا إِلَى مَكَانِهِ مِنْهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَبُلُوغِهِ مِنْهُ وَمِنَ الْعِلِمِ الْغَايَةَ الْقُصْوَى الَّتِي لَمْ يَبْلُغْهَا بَشَرٌ سِوَاهُ وَإذْ جَلالَةُ مَحَلِّهِ مِنْ ذَلِكَ ومِمَّا تَفَرَّعَ مِنْهُ مُتَحَقِّقَةٌ عِنْدَ مَنْ تَتَبَّعَ مَجَارِي أَحْوَالِهِ وَاطِّرَادَ سِيَرِهِ وَطَالَعَ جَوَامِعَ كَلَامِهِ وَحُسْنَ شَمَائِلِهِ وَبَدَائِعَ سِيَرِهِ وَحُكْمَ حَدِيثِهِ وَعِلْمِهِ بِمَا في التَّوْرَاةِ وَالإِنْجِيلِ وَالْكُتُبِ الْمُنَزَّلَةِ وَحُكْمَ الْحُكَمَاءِ وَسِيَرِ الْأُمَمِ الْخَالِيَةِ وَأَيَّامِهَا وَضَرْبَ الْأَمْثَالِ وَسِيَاسَاتِ الْأنَامِ وَتَقْرِيرَ الشَّرَائِعِ وَتَأْصِيلَ الْآدَابِ النَّفِيسَةِ وَالشِّيَمَ الْحَمِيدَةَ إِلَى فُنُونِ الْعُلُومِ الَّتِي اتَّخَذَ أَهْلُهَا كَلامَهُ صَلَّى الله عليه وسلم فِيهَا قُدْوَةً وَإِشَارَاتِهِ حُجَّةً كَالْعِبَارَةِ وَالطِّبِّ وَالْحِسَابِ والْفَرَائِضِ وَالنَّسَبِ وغَيْرِ ذَلِكَ مما سَنُبَيِّنُهُ فِي مُعْجِزَاتِهِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى دُونَ تَعْلِيمٍ وَلَا مُدَارَسَةٍ وَلَا مُطَالَعَةِ كُتُبِ مَنْ تَقَدَّمَ وَلَا الْجُلُوسِ إِلَى عُلَمَائِهِمْ بَلْ نبى أمي