عِنْدَ أَحَدٍ مِنَ الْعُقَلَاءِ بَلْ هُوَ فَقِيرٌ أَبَدًا غَيْرُ وَاصِلٍ إِلَى غَرَضٍ مِنْ أَغْرَاضِهِ، إذْ مَا بِيَدِهِ مِنَ الْمَالِ الْمُوَصِّلِ لَهَا لَمْ يُسَلَّطْ عَلَيْهِ، فَأَشْبَهَ خَازِنَ مَالِ غَيْرِهِ وَلَا مَالَ لَهُ فَكَأنَّهُ لَيْسَ فِي يَدِهِ منه شئ، وَالْمُنْفِقُ مَلِيٌّ غَنِيٌّ بِتَحْصِيلِهِ فَوَائِدَ الْمَالِ وإن لم يبق في يده من المال شئ.
فانظر سيرة نبينا صلى اللَّه عليه وسلم وخلقه في المال تَجِدْهُ قَدْ أُوتِيَ خَزَائِنَ الْأَرْضِ وَمَفَاتِيحَ الْبِلَادِ وَأُحِلَّتْ لَهُ الْغَنَائِمُ وَلَمْ تُحَلَّ لِنَبِيٍّ قَبْلَهُ وَفُتِحَ عَلَيْهِ فِي حَيَاتِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِلَادُ الْحِجَازِ وَالْيَمَنِ وَجَمِيعُ جَزِيرَةِ الْعَرَبِ وَمَا دابى ذَلِكَ مِنَ الشَّامِ وَالْعِرَاقِ وَجُلِبَتْ إليْهِ مِنْ أَخْمَاسِهَا وَجِزْيَتِهَا وصدقاتها مَا لَا يُجْبَى لِلْمُلُوكِ إِلَّا بَعْضُهُ، وَهَادَتْهُ جَمَاعَةٌ مِنْ مُلُوكِ الْأَقَالِيمِ فما استأثر بشئ مِنْهُ وَلَا أَمْسَكَ مِنْهُ دِرْهَمًا بَلْ صَرَفَهُ مَصَارِفَهُ وَأَغْنَى بِهِ غَيْرَهُ وَقَوَّى بِهِ الْمُسْلِمِينَ وَقَالَ (مَا يَسُرُّنِي أَنَّ لي أُحُدًا ذَهَبًا يَبِيتُ عِندِي مِنْهُ دِينَارٌ إِلَّا دِينَارٌ أرْصُدُهُ لِدَينٍ) وَأَتَتْهُ دَنَانِيرُ مَرَّةً فَقَسَمَهَا وبقيت