تَمْهِيدٌ

قَالَ الْقَاضِي أَبُو الْفَضْلِ وَفَّقَهُ اللَّهُ

إعلم أن الطواريء من التغيرات والافات عَلَى آحَادِ الْبَشَرِ لَا يَخْلُو أَنْ تَطْرَأَ عَلَى جِسْمِهِ، أَوْ عَلَى حَوَاسِّهِ بِغَيْرِ قَصْدٍ وَاخْتِيَارٍ، كَالْأَمْرَاضِ وَالْأَسْقَامِ، أَوْ تَطْرَأَ بِقَصْدٍ وَاخْتِيَارٍ.. وَكُلُّهُ فِي الْحَقِيقَةِ عَمَلٌ وَفِعْلٌ.. وَلَكِنْ جَرَى رَسْمُ الْمَشَايِخِ بِتَفْصِيلِهِ إِلَى ثَلَاثَةِ أَنْوَاعٍ:

عَقْدٍ بِالْقَلْبٍ.. وَقَوْلٍ بِاللِّسَانِ، وَعَمَلٍ بِالْجَوَارِحِ. وَجَمِيعُ الْبَشَرِ تَطْرَأُ عَلَيْهِمُ الْآفَاتُ وَالتَّغَيُّرَاتُ بِالِاخْتِيَارِ وَبِغَيْرِ الِاخْتِيَارِ فِي هَذِهِ الْوُجُوهِ كُلِّهَا.. وَالنَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَإِنْ كَانَ مِنَ الْبَشَرِ. وَيَجُوزُ عَلَى جِبِلَّتِهِ مَا يَجُوزُ عَلَى جِبِلَّةِ الْبَشَرِ- فَقَدْ قَامَتِ الْبَرَاهِينُ الْقَاطِعَةُ، وَتَمَّتْ كَلِمَةُ الْإِجْمَاعِ عَلَى خُرُوجِهِ عَنْهُمْ، وَتَنْزِيهِهِ عَنْ كَثِيرٍ مِنَ الافات التي تقع على الاختيار.. وعلى غير الِاخْتِيَارِ، كَمَا سَنُبَيِّنُهُ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى فِيمَا نَأْتِي بِهِ مِنَ التَّفَاصِيلِ.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015