وَقَدْ نَبَّهَ عَلَى مِثْلِ هَذَا فِي أَوَّلِ سورة الإسراء، ولما كان ما كاشفه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ ذَلِكَ الْجَبَرُوتِ (?) ، وشاهد مِنْ عَجَائِبِ الْمَلَكُوتِ (?) ، لَا تُحِيطُ بِهِ الْعِبَارَاتُ، وَلَا تَسْتَقِلُّ (?) بِحَمْلِ سَمَاعِ أَدْنَاهُ الْعُقُولُ، رَمَزَ عَنْهُ تَعَالَى بِالْإِيمَاءِ، وَالْكِنَايَةِ الدَّالَّةِ عَلَى التَّعْظِيمِ.
فَقَالَ تَعَالَى: «فَأَوْحى إِلى عَبْدِهِ مَا أَوْحى»
(?) .
وَهَذَا النَّوْعُ مِنَ الْكَلَامِ يُسَمِّيهِ أَهْلُ النَّقْدِ وَالْبَلَاغَةِ «بِالْوَحْيِ وَالْإِشَارَةِ» ، وَهُوَ عِنْدَهُمْ أَبْلَغُ أَبْوَابِ الْإِيجَازِ.
وَقَالَ: «لَقَدْ رَأى مِنْ آياتِ رَبِّهِ الْكُبْرى» (?) .
انحسرات الْأَفْهَامُ عَنْ تَفْصِيلِ مَا أَوْحَى، وَتَاهَتِ الْأَحْلَامُ فِي تَعْيِينِ تِلْكَ الْآيَاتِ الْكُبْرَى.
قَالَ الْقَاضِي أَبُو الْفَضْلِ: (?) اشْتَمَلَتْ هَذِهِ الْآيَاتُ عَلَى إِعْلَامِ اللَّهِ تَعَالَى بِتَزْكِيَةِ جُمْلَتِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَعِصْمَتِهَا مِنَ الْآفَاتِ فِي هَذَا الْمَسْرَى.