مِنْ حَيْثُ مَا أَتَتْهَا، فَإِذَا أَزَاحَ اللَّهُ عَنِ الْمُؤْمِنِ رِيَاحَ الْبَلَايَا وَاعْتَدَلَ صَحِيحًا كَمَا اعْتَدَلَتْ خَامَةُ الزَّرْعِ عِنْدَ سُكُونِ رِيَاحِ الْجَوِّ رَجَعَ إِلَى شُكْرِ رَبِّهِ وَمَعْرِفَةِ نِعْمَتِهِ عَلَيْهِ بِرَفْعِ بَلَائِهِ مُنْتَظِرًا رَحْمَتَهُ وَثَوَابَهُ عَلَيْهِ. فَإِذَا كَانَ بِهَذِهِ السَّبِيلِ لَمْ يَصْعُبْ عَلَيْهِ مَرَضُ الْمَوْتِ وَلَا نُزُولُهُ، وَلَا اشْتَدَّتْ عَلَيْهِ سَكَرَاتُهُ ونزعه لعادته بما تقدّمه من الالام، ومعرفة ماله فِيهَا مِنَ الْأَجْرِ وَتَوْطِينِهِ نَفْسَهُ عَلَى الْمَصَائِبِ وَرِقَّتِهَا وَضَعْفِهَا بِتَوَالِي الْمَرَضِ أَوْ شِدَّتِهِ.
وَالْكَافِرُ بِخِلَافِ هَذَا، مُعَافًى فِي غَالِبِ حَالِهِ، مُمَتَّعٌ بِصِحَّةِ جِسْمِهِ، كَالْأَرْزَةِ الصَّمَّاءِ حَتَّى إِذَا أَرَادَ اللَّهُ هَلَاكَهُ قَصَمَهُ لِحِينِهِ عَلَى غِرَّةٍ (?) وَأَخَذَهُ بَغْتَةً مِنْ غَيْرِ لُطْفٍ وَلَا رِفْقٍ، فَكَانَ مَوْتُهُ أَشُدَّ عَلَيْهِ حَسْرَةً، وَمُقَاسَاةُ نَزْعِهِ مَعَ قُوَّةِ نَفْسِهِ وَصِحَّةِ جِسْمِهِ أَشَدَّ أَلَمًا وَعَذَابًا وَلَعَذَابُ الْآخِرَةِ أَشَدُّ كَانْجِعَافِ (?) الْأَرْزَةِ.
وَكَمَا قَالَ تعالى: «فَأَخَذْناهُمْ بَغْتَةً وَهُمْ لا يَشْعُرُونَ (?) »
وَكَذَلِكَ عَادَةُ اللَّهِ تَعَالَى فِي أَعْدَائِهِ. كَمَا قَالَ تَعَالَى: «فَكُلًّا أَخَذْنا بِذَنْبِهِ فَمِنْهُمْ مَنْ أَرْسَلْنا عَلَيْهِ حاصِباً، وَمِنْهُمْ مَنْ أَخَذَتْهُ الصَّيْحَةُ (?) .» الْآيَةَ فَفَجَأَ جَمِيعَهُمْ بِالْمَوْتِ عَلَى حَالِ عُتُوٍّ