الفصل الثامن أفعاله الدّنيويّة

قال القاضي رحمه الله تعالى: وَأَمَّا أَفْعَالُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الدُّنْيَوِيَّةُ فَحُكْمُهُ فِيهَا مِنْ تَوَقِّي الْمَعَاصِي وَالْمَكْرُوهَاتِ مَا قَدَّمْنَاهُ، وَمِنْ جَوَازِ السَّهْوِ وَالْغَلَطِ فِي بَعْضِهَا مَا ذَكَرْنَاهُ، وَكُلُّهُ غَيْرُ قَادِحٍ فِي النُّبُوَّةِ بَلْ إِنَّ هَذَا فِيهَا عَلَى النُّدُورِ، إِذْ عَامَّةُ أَفْعَالِهِ عَلَى السَّدَادِ وَالصَّوَابِ، بَلْ أَكْثَرُهَا أَوْ كُلُّهَا جَارِيَةٌ مَجْرَى الْعِبَادَاتِ وَالْقُرَبِ عَلَى مَا بَيَّنَّا. إِذْ كَانَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا يَأْخُذُ مِنْهَا لِنَفْسِهِ إِلَّا ضَرُورَتَهُ وَمَا يُقِيمُ رَمَقَ جِسْمِهِ، وَفِيهِ مَصْلَحَةُ ذَاتِهِ التي يَعْبُدُ رَبَّهُ، وَيُقِيمُ شَرِيعَتَهُ، وَيَسُوسُ أُمَّتَهُ، وَمَا كَانَ فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ النَّاسِ مِنْ ذَلِكَ فَبَيْنَ مَعْرُوفٍ يَصْنَعُهُ، أَوْ بِرٍّ يُوَسِّعُهُ، أَوْ كَلَامٍ حَسَنٍ يَقُولُهُ أَوْ يُسْمِعُهُ، أَوْ تَأَلُّفِ شَارِدٍ، أَوْ قَهْرِ مُعَانِدٍ، أَوْ مُدَارَاةِ حَاسِدٍ، وكل هذا لا حق بصالح أعماله، منتظم في وظائف عباداته.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015