فَلَيْسَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ أَنَّ هَذَا الَّذِي أَتَى مَعْصِيَةً بَلْ فَعَلَ مَا رَآهُ مَصْلَحَةً وَصَوَابًا بِقَتْلِ مَنْ يُؤْذِي جِنْسُهُ وَيَمْنَعُ الْمَنْفَعَةَ بما أَبَاحَ اللَّهُ.

أَلَا تَرَى أَنَّ هَذَا النَّبِيَّ كان نازلا تحت الشجرة. فلما آذته انملة تحول برحله عَنْهَا مَخَافَةَ تَكْرَارِ الْأَذَى عَلَيْهِ..

وَلَيْسَ فِيمَا أوحى الله إليه ما يوجب عليه مَعْصِيَةً.. بَلْ نَدَبَهُ إِلَى احْتِمَالِ الصَّبْرِ، وَتَرْكِ التَّشَفِّي.

كَمَا قَالَ تَعَالَى: «وَلَئِنْ صَبَرْتُمْ لَهُوَ خَيْرٌ لِلصَّابِرِينَ (?) » إِذْ ظَاهِرُ فِعْلِهِ إِنَّمَا كَانَ لِأَجْلِ أَنَّهَا آذَتْهُ هُوَ فِي خَاصَّتِهِ فَكَانَ انتقساما لِنَفْسِهِ، وَقَطْعَ مَضَرَّةٍ يَتَوَقَّعُهَا مِنْ بَقِيَّةِ النَّمْلِ هناك، ولم يأت في كل هذا أمرا نُهِيَ عَنْهُ فَيُعَصَّى بِهِ، وَلَا نَصَّ فِيمَا أَوْحَى اللَّهُ إِلَيْهِ بِذَلِكَ وَلَا بِالتَّوْبَةِ وَالِاسْتِغْفَارِ مِنْهُ- وَاللَّهُ أَعْلَمُ-

فَإِنْ قِيلَ فَمَا مَعْنَى قَوْلِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ (?) : مَا مِنْ أَحَدٍ إِلَّا أَلَمَّ بِذَنْبٍ أَوْ كَادَ، إِلَّا يَحْيَى بْنَ زكريا أو كما قال (?) عليه السلام فَالْجَوَابُ عَنْهُ كَمَا تَقَدَّمَ مِنْ ذُنُوبِ الْأَنْبِيَاءِ الَّتِي وَقَعَتْ عَنْ غَيْرِ قَصْدٍ وَعَنْ سَهْوٍ وغفلة.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015