وهو خليع قتلة كان فيها شجاعا حتى النهاية1، وقبل أن يوشك سراج حياته على الانطفاء تذكر تلك الحادثة التي كانت سببا في تلك الحياة القاسية التي عاشها طريدا مشردا، حادثة خلعه، فأخذ ينشد وهو يقاتل نشيدا فيه حسرة، وفيه شجاعة واعتداد بالنفس2، حسرة على حياته التي ذهبت مع الريح، بعد أيام شباب جميلة قضاها في حمى القبيلة، في اللهو تارة، وفي الجد تارة أخرى3، عضوا عاملا في مجتمع القبيلة، يدافع عنها، ويشيد بمفاخرها، ويهجو أعداءها4، بل يقودها أحيانا في شجاعة إلى مواقع النصر5.
وكذلك كان أبو الطمحان القيني من هذه الطائفة من الخلعاء الشذاذ، ولم تحدثنا أخباره عن سبب خلعه، ولكني أرجح أنه خُلع لسوء أخلاقه، ويصفه ابن قتيبة بأنه "كان فاسقا"6، ويقدمه صاحب الأغاني بأنه "أدرك الجاهلية والإسلام فكان خبيث الدين فيهما"7، ويصفه بعض رواة الأغاني بأنه "كان فاسقا خاربا"8، وقد سئل عن "أدنى ذنوبه" كأنه كان معروفا بكبائره، فاندفع يقص في استهتار قصة ليلة ارتكب فيها أربع موبقات9، فإذا كانت هذه أدنى ذنوبة فليس من شك في أنه كان مستهترا استهتارا فاضحا.
وقد تقلبت الأيام بأبي الطمحان تقلبا عنيفا، فقضى حياة مضطربة،