تدهور الحضارات القديمة، وتشتت القبائل، وانبعاث الهجرات من تلك الجهات، في العهد السابق للإسلام مباشرة، مرتبط على ما يظهر ارتباطا وثيقا بتغيرات المناخ، وذبذباته، وعودته إلى الجفاف النسبي بعد الحالة الممطرة1.
ويلاحظ الدارسون أن هذه القدرة على هجرة الجماعات الرعوية، إنسانها وحيوانها، إلى مراع جديدة ميزة هامة تمتاز بها هذه الجماعات، ويلاحظون أن هذا يتم في سهولة ويسر، ما لم تكن في الأرض الجديدة جماعة أكبر عددا، وأشد بأسا من الجماعة المهاجرة2. ويرد بعضهم هذه السهولة وهذ اليسر إلى أن كمية المطر القليلة التي تسقط في الصحراء لا تساعد على نمو الغابات التي تقوم حاجزا في طريق الهجرات3.
ومما يزيد من قسوة الحياة في أيام الجفاف اقترانها في الغالب بريح السموم، تلك الريح المهلكة4 التي تشوى منها الصحراء كما يقول الشاعر القديم5.
ويرجع السبب الأساسي في هذه الحالة القاسية التي تعانيها الصحراء إلى قلة الماء "فليس في البادية العربية أنهار دائمة الجريان، وإنما هي أودية تمتلئ بالماء في مواسم المطر، ويغيض ماؤها بعد ذلك"6، وموسم المطر في البادية