فأرسلا وعدا بينهما فسبقهما، فأخذهما"1. ويذكر الرواة أن خطوا الشنفرى ذرع ليلة قُتل، "فوجد أول نزوة نزاها إحدى وعشرين خطوة، والثانية سبع عشرة خطوة، والثالثة خمس عشرة خطوة"2. ومن الطريف أن يصف تأبط شرا رفيقه في الصعلكة الشنفرى حين يعدو بأنه "قد طار"3، أو يصف عدو عمرو بن براقة بأنه "مثل الريح"4، أو نسمعه يقسم بقوله "والذي أعدو بطيره"5، وهو قسم يستمد طرافته من ذكر الطير فيه. وعقد صلة بينها وبين عدوه، كأنهما أصبح الصعلوك يعدو بأجنحتها.

وفي كل مناسبة يردد هؤلاء الصعاليك في شعرهم أحاديث عدوهم وسرعتهم. وهم يتحدثون عنها دائما في اعتداد وفخر كبيرين؛ إذ يرون فيهما ميزة تفردوا بها من بين سائر البشر، ووسيلة تعينهم على الحياة، وتيسر لهم سبل النجاة. يقول تأبط شرا مفتخرا بسرعته التي أنجته من أعدائه وما أرسلوه خلفه من خيل سريعة:

ليلة صاحوا وأغروا بي سراعهم ... بالعيكتين لدى معدى ابن براق

كأنما حثحثوا حصا قوادمه ... أو أم خشف بذي شث وطباق

لا شيء مني، ليس ذا عذر ... وذا جناح بجنب الريد خفاق

حتى نجوت ولما ينزعوا سلبي ... بواله من قبيض الشد غيداق6

طور بواسطة نورين ميديا © 2015