ظاهرة القصصية في شعر الصعاليك، ورأينا أن الشعراء الصعاليك قد استغلوا في شعرهم كل ما يدور في حياتهم الحافلة بالحوادث المثيرة استغلالا قصصيا رائعا، وانتهينا إلى أن شعر امرئ القيس ليس نقطة البدء في تاريخ القصة الشعرية، وإنما تسبق هذا مرحلة أولى هي مرحلة الشعراء الصعاليك الذين نميل إلى أن امرأ القيس قد تأثر بهم في فنه، ومن هنا أطلقنا على الشعراء الصعاليك "رواد القصة الشعرية في الأدب العربي".ثم وقفنا طويلا عند الواقعية في شعر الصعاليك، وبينا مظاهرها المتعددة. ثم لاحظنا أن شعر الصعاليك يمتاز بالسرعة الفنية، وأن ميزته الكبرى "خفوت الصنعة الفنية"، ورأينا أن التشبيه أقوى الألوان الفنية التي اعتمد عليها الشعراء الصعاليك، ووقفنا طويلا عند هذه الظاهرة، فدرسنا المنابع المختلفة التي تكون "صندوق الأصباغ عند الشعراء الصعاليك"، وكيف استغلوها، ورأينا إلى جانب التشبيه ألوانا فنية أخرى من ألوان الصنعة الفنية المتمهلة، فدرسنا النماذج الفنية التي رأيناها فيها، ثم وقفنا بعد هذا عند الخصائص اللغوية في شعر الصعاليك، ورأينا أولا أن لغتهم هي اللغة الأدبية التي عرفها العصر الجاهلي، غير أننا لاحظنا أنها أقرب إلى فطرة اللغة العربية وأصدق تمثيلا لها، ولاحظنا كثرة الغريب في شعرهم.

ثم وقفنا أخيرا عند الظواهر العروضية في شعرهم، ورأينا أن أوزان شعرهم وزحافاته هي الأوزان والزحافات التي عرفها سائر الشعر الجاهلي، غير أننا لاحظنا انتشار الرجز في شعرهم الذي قالوه قبيل مصارعهم.

ثم وقفنا بعد ذلك عند شخصيتين متميزتين من الشعراء الصعاليك تميزا اجتماعيا وفنيا: عروة بن الورد الذي يمثل شخصية الصعلوك صاحب المذهب الإنساني، أو شخصية الزعيم الذي يدعو الجماهير إلى الإيمان بمذهبه، والشنفرى الذي يمثل شخصية الصعلوك المتمرد الذي رأى أن يكون تمرده الوسيلة والغاية معا.

وبعد، فهذه هي ظاهرة الصعلكة في المجتمع الجاهلي كما رأيناها في شخصيات صعاليكه، وهذه هي دراستنا الفنية لما بين أيدينا من شعرهم.

والله ولي التوفيق.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015