عدوهم، كما كانوا يرون فيه وسيلة للنجاة حتى يستأنفوا القتال في ظروف أشد ملاءمة لهم. يقول أبو خراش الهذلي الصعلوك:

فإن تزعمي أني جبنت فإنني ... أفر وأرمي مرة كل ذلك

أقاتل حتى لا أرى لي مقاتلا ... وأنجو إذا ما خفت بعض المهالك1

فهو يدافع عن فراره، ويرى أنه ليس دليلا على جبنه، وإنما هو "خطة موضوعة" يضطر إليها حين يصبح القتال "مغامرة انتحارية" لا أمل فيها، حتى ينجو من هلاك محقق، فيستأنف القتال حين يصبح القتال أمرا مضمون العاقبة.

ومن أشد ما يلفت النظر من مظاهر هذه القوة الجسدية سرعة العدو الخارقة للعادة التي اشتهرت بها هذه الطائفة من الصعاليك، حتى ليطلق عليهم أحيانا اسم "العدائين"2، أو"الرجليين" أو "الرجيلاء"3، كأنما أصبحت سرعة العدو ظاهرة مميزة لهم، وصفة ملازمة يعرفون بها. والمثل يضرب بجماعة منهم في سرعة العدو، فيقال "أعدى من الشنفرى"4، و"أعدى من السليك"5، و"أمضى من سليك المقانب"6. وتصفهم مصادر الأدب

طور بواسطة نورين ميديا © 2015