فطلب الغنى عند عروة ليس هدفا في ذاته، ولكنه وسيلة للكرم وقضاء الحقوق والتشبه بالسادة.
وإلى جانب هذه القوة النفسية التي كان هؤلاء الصعاليك يمتازون بها كانوا يتمتعون أيضا بالشجاعة والجرأة وقوة الجسد.
وتفيض أخبارهم وأشعارهم بأحاديث هذه القوة، كما تتردد هذه الأحاديث في أخبار معاصريهم وفي شعرهم أيضا. يقول تأبط شرا مفتخرا بقوته:
وما ولدت أمي من القوم عاجزا ... ولا كان ريشي من ذنابي ولا لغب1
ويصرح الشنفرى -في اعتداد بنفسه- بأنه يقدم في شجاعة وجرأة حيث يقف الجبان هلعا جزوعا:
إذا خشعت نفس الجبان وخيمت ... فلي حيث يخشى أن يجاوز مخشف2
ويرسم عمرو بن معديكرب الفارس المشهور صورة للسليك بن السلكة يصفه فيها بأنه "كالليث يلحظ قائما"، وبأنه:
له هامة ما تأكل البيض أمها ... وأشباح عادي طويل الرواجب3
ويرسم أبو كبير الهذلي في أبياته اللامية التي رواها أبو تمام في حماسته4 صورة قوية لتأبط شرا، يصور فيها قوته وصلابته وخفته، وسرعة عدوه، وجرأة قلبه، وشدة مراسه، ومضاء عزيمته، وكيف أعدته الطبيعة منذ طفولته المبكرة، بل من قبل طفولته، ليكون قويا يستطيع أن ينهض بالعبء الذي