العجوة1 الذي يخصه بثلاث منها: قصيدتين ومقطوعة2، ودبية سادن العزى الذي يرثيه بمقطوعة من أربعة أبيات3. وتتجلى لوعته وفجيعته بالذات على زهير الذي يبدو من حديثه عنه أنه كان أيضا رفيقا له في مغامراته4، أما دبية فلا يتحدث عنه حديث الملتاع المفجوع بقدر ما يتحدث عنه حديث الذاكر لأيامه الآسف على انقضائها، ولعله وفاء بدين كان لدبية في عنق أبي خراش، أو -بعبارة أدق- في قدمي أبي خراش منذ أيام تصعلكه، فقد حذاه دبية مرة نعلين فرح بهما فرحا شديدا، ومدحه بمقطوعة يسجل فيها هذه الهدية وقيمتها له5. والأمر الذي لا شك فيه أن أبا خراش كان جريئا حين وقف في الإسلام يرثي دبية سادن العزى الذي قتله خالد بن الوليد بأمر من النبي صلى الله عليه وسلم6. ومع ذلك فمن المحتمل أن أبا خرش حين قتل دبية لم يكن قد أسلم بعد، ولكن يبدو أنه احتمال ضعيف نظرا لطبيعة المرثية التي بين أيدينا، فإن أبا خراش فيها لم يتعرض لقاتل دبية على الإطلاق، ولو كان أبو خراش قالها قبل إسلامه لتعرض لخالد بن الوليد كما فعل مع قاتل زهير. ومع ذلك فقد يكون الرواة أسقطوا منها تعرضه لخالد، وحتى مع هذا الاحتمال بأنه قالها قبل إسلامه فلا شك في أنه كان جريئا حتى وقف يرثي دبية في ذلك الوقت الذي أخذ فيه المسلمون يسيطرون على الموقف في جزيرة العرب؛ إذ إن دبية لم يقتل إلا بعد فتح مكة7.

ويرثي أبو خراش صديقيه بمعان مألوفة في الشعر الجاهلي عامة: الكرم والشجاعة وعجز الإنسان أمام الموت الذي لا ينجو منه حي حتى الحيوان

طور بواسطة نورين ميديا © 2015