يداعبه فيه مداعبة طريفة، فهو "أمهم" التي تقوم على قوتهم، وتقتر عليهم مخافة أن تطول الغزاة بهم فيموتوا جوعا، يعلن أنه غير راض عن هذه السياسة التي تنتهجها "أمهم" لأن "عيالها" جياع من تقتيرها، فما تخشاه عليهم توقعهم فيه، ولكنها لا تؤثر نفسها بشيء عليهم، حتى لقد أصبحت نحيلة دقيقة، وهي "أم" ليست كسائر الأمهات، إنها غير محجبة، لا يحجبها ستر، ولا يضمها بيت، تحمل جعبة فيها ثلاثون سهما عريضة النصال، وتعدو في سرعة فائقة وفي يمينها سيف صارم بتار:
وأم عيال قد شهدت تقوتهم ... إذا أطعمتهم أوتحت وأقلت
تخاف علينا العيل إن هي أكثرت ... ونحن جياع، أي آل تألت
مصعلكة لا يقصر الستر دونها ... ولا تُرتجى للبيت إن لم تنبت
لها وفضة فيها ثلاثون سيحفا ... إذا آنست أولي العدي اقشعرت
وتأتي لعدي بارزا نصف ساقها ... تجول كعير العانة المتلفت
إذا فزعوا طارت بأبيض صارم ... ورامت بما في جفرها ثم سلت
حسام كلون الملح صاف حديده ... جراز كأقطاع الغدير المنعت
تراها كأذناب الحسيل صوادرا ... وقد نهلت من الدماء وعلت1
ويتحدث عروة كثيرا عن أصحابه، ولكنه حديث الزعيم أو القائد، لا حديث الرفيق أو الزميل، فهو يدعوهم إلى الخروج معه للغزو والغارة:
أقيموا بني لبني صدور مطيكم ... فإن منايا القوم خير من الهزل