التي يصح أن نطلق عليها "شعر المراقب".

والمرقبة التي يتربص فوقها الشاعر الصعلوك دائما منيعة أبية على سواه، وأكثر ما يتحدثون عن تربصهم فوقها والليل مقبل يغشى الكون بدياجيه الكثيفة، ليكون هذا أمعن في التخفي، وأقرب إلى مواتاة الفرصة، وأدل على جرأتهم وقوة قلوبهم، و"الليل أخفى للويل" كما يقول العرب في أمثالهم1، و"الصعاليك نومهم قليل" كما يقول الشاعر الصعلوك عمرو بن براقة2.

ويرسم الشنفرى في قصيدة من شعره لوحة رائعة لمرقبة منيعة عالية يعجز دونها الصياد الماهر الخفيف الذي يخرج بكلابه المضراة للصيد، ويصف كيف صعد إليها وقد أقبل الليل بظلامه الحالك الشديد الذي يلف الكون، وكيف قضى الليل فوقها متربصا، محدبا على ذراعيه مبالغة في تخفيه كما يتطوى الأفعوان المتكسر، ولا شيء معه سوى نعلين باليتين، وثياب أخلاق، ثم أصحابه الذين لا يفارقونه، سيفه وقوسه وسهامه:

ومرقبة عيطاء يقصر دونها ... أخو الضروة الرجل الخفيف المشفف

نميت إلى أعلى ذراها وقد دنا ... من الليل ملتف الحديقة أسدف

فبت على حد الذراعين محدبا ... كما يتطوى الأرقش المتقصف

قليل جهازي غير نعلين أسحقت ... صدورهما مخصورة لا تخصف

وملحفة درس وجرد ملاءة ... إذا أنجمت من جانب لا تكفف3

طور بواسطة نورين ميديا © 2015