الذي يسلكه في الحياة لتغيير هذا الوضع. وهذه الصفات هي بعض ما نحاول تبينه في هذا البحث.

ونتساءل بعد هذا: ألم يلتفت اللغويون إلى هذا المعنى الاجتماعي؟ ونعود مرة أخرى إلى النصوص اللغوية نستفتيها، وتلفت نظرنا تلك العبارة الغامضة التي يذكرها بعض اللغويين في ختام تعريفاتهم، وهي قولهم "وصعاليك العرب ذؤبانها". ونتساءل مرة أخرى: ماذا يعني اللغويون بذؤبان العرب؟ ونمضي إلى مادة "ذاب" نسأل اللغويين عن معنى "ذؤبان العرب"، فإذا هم يحيلوننا مرة أخرى على "صعاليك العرب". ففي الصحاح "وذؤبان العرب أيضا صعاليكها الذين يتلصصون"، وفي القاموس المحيط "ذوبان العرب لصوصهم وصعاليكهم"، وفي أساس البلاغة "وهم ذؤبان العرب: من صعاليكهم وشطارهم"، وفي النهاية لابن الأثير "يقال لصعاليك العرب ولصوصها ذؤبان لأنهم كالذئاب".

وهكذا كادت المسألة أن تكون دورا -كما يقول المناطقة- لولا هذه الزيادات القليلة التي أضافها هؤلاء اللغويون إلى تعريفاتهم. ومن هذه الزيادات عرفنا أن هؤلاء الصعاليك كانوا "يتلصصون"1، وأنهم كانوا "شطارا"2، كما عرفنا أنهم سُموا هكذا لأنهم كانوا كالذئاب. ومع ذلك فما زلنا نشعر بأن هذه الزيادات لم تتقدم بنا كثيرا في داخل هذه "الدائرة الاجتماعية"، وأن علماء اللغة يحومون حول هذه الدائرة دون أن ينفذوا إلى داخلها، مع إحساسهم أن هناك شيئا آخر غير الفقر في مفهوم المادة. وهو هذا الذي حاولوا أن

طور بواسطة نورين ميديا © 2015