انحناءة حول الحد الشمالي للربع الخالي عن طريق الرياض إلى القطيف على الخليج العربي1.

ويبدو أنه كانت هناك طرق أخرى مهمة، ففي الأخبار القديمة أن النعمان كان يبعث بلطيمة كل عام للتجارة إلى عكاظ2، وأن عروة الرحال من بني كلاب أجارها في بعض الأعوام، حتى إذا وصل "إلى أهله دوين الجريب بماء يقال له أوارة" وثب عليه البراض فقتله، ثم مضى هاربا حتى أتى خيبر3. وهنا نتساءل: أي الطرق كانت تسلكها لطائم النعمان في قدومها من الحيرة إلى عكاظ؟

يبدو أن الإجابة عن هذا السؤال تفسرها ظاهرة جغرافية، فهناك واد عظيم يمتد من حرة خيبر التي ترتفع ستة آلاف قدم، مخترقا غربي القصيم بين أبانين حتى يقارب البصر، وهو وادي الرمة الذي يرجحون أنه كان مجرى نهر في عصور ما قبل التاريخ4. وقد قلنا إن طرق القوافل في الجزيرة العربية تتبع مجاري الوديان، ومن هنا نستطيع أن نرجح أن وادي الرمة هو الطريق الذي كانت تسلكه لطائم النعمان، ويؤيد هذا أن المواضع التي ورد ذكرها في قصة عروة الرحال والبراض تقع في هذا الوادي، فالجريب واد عظيم لبني كلاب يصب في الرمة من أرض نجد5، ومنازل كلاب حيث قتل عروة تقع في وسط الرمة أو في أعاليها6، وخيبر التي فر إليها البراض تقع كما رأينا عند بداية الرمة. وبهذا نستطيع أن نحدد ذلك الطريق التجاري الذي كان يخترق شمالي الجزيرة العربية، فهو يبدأ من منطقة الحيرة ثم يمضي مع وادي الرمة حتى يصل إلى خيبر، ومنها عن طريق وادي القرى إلى يثرب، ثم إلى مكة في الطريق الذي يصل بين شمالي الجزيرة العربية وجنوبيها، ومن مكة إلى عكاظ. وقد أشار زويمر نقلا عن بعض مصادره إلى طريق كان "في أيدي العرب الإسماعيليين يخترق وادي الرمة وبلاد نجد إلى حاضرة الحميريين القديمة مأرب"7، ولكنه لم يذكر شيئا عنه أكثر من هذه الإشارة الموجزة، ولعله الطريق الذي حددناه.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015