ومن سمات جمال المرأة أن تكون بيضاء1، وهو أيضا دليل على شرفها، فقد كان مما يمدح به الرجل أنه ابن بيضاء2، بل إنهم كانوا يفخرون بأن سباياهم من النساء البيض3. ومن هنا أطلقوا على هؤلاء السود اسما خاصا تمييزا لهم من سائر إخوانهم الهجناء، فسموهم "الأغربة" تشبيها لهم بذلك الطائر البغيض المشئوم في لونه الأسود4، ونسبوهم في أكثر الحالات إلى أمهاتهم5.

ويخرج هؤلاء "الأغربة" إلى الحياة، وقد وسمتهم الطبيعة بذلك اللون الذي يبغضه مجتمعهم، والذي لا بد لهم فيه، ولا خروج لهم منه، فإذا هو يحول من البدء دون أن يعترف بهم آباؤهم، ثم إذا هو بعد ذلك يقف صخرة تتحطم عليها آمالهم في أن يشاركوا في الحياة الاجتماعية كما يشارك غيرهم، ولا يهيئ لهم إلا فرصة ضيقة للحياة على هامش المجتمع حياة ذليلة محتقرة يخدمون فيها سادتهم ويقومون لهم بتلك الأعمال الفرعية التي يأنفون هم من القيام بها، أما الأعمال الأساسية فلا يقوم بها إلا أبناء الحرائر6، فما يحسن هؤلاء الأغربة أولاد الإماء السود غير "الحلاب والصر" كما يقول أحدهم

طور بواسطة نورين ميديا © 2015