الشعر والشعراء (صفحة 454)

فأمر له بمائة ناقة من نعم كلب، فقال له جرير: يا أمير المؤمنين، نحن أشياخ، وليس فى واحد منّا فضل عن راحلته، والإبل أبّاق، قال: فنجعل أثمانها لك رقة؟ قال: لا، ولكن الرّعاء، فأمر له بثمانية أعبد، فقال جرير:

والمحلب يا أمير المؤمنين! فنبذ إليه إحداهنّ بالخيزرانة، وقال: خذها لا نفعتك! ففى ذلك يقول جرير:

أعطوا هنيدة يحدوها ثمانية ... ما فى عطائهم منّ ولا سرف [1]

806* قال أبو عبيدة: كان الفرزدق بالمربد، فمرّ به رجل قدم من اليمامة، فقال له: من أين وجهك؟ قال: من اليمامة، قال: فهل علقت من جرير شيئا؟

فأنشده:

هاج الهوى بفؤادك المهتاج

فقال الفرزدق:

فانظر بتوضح باكر الأحداج [2]

فقال:

هذا هوى شغف الفؤاد مبرّح

فقال الفرزدق:

ونوى تقاذف غير ذات خلاج [3]

فقال:

ليت الغراب غداة ينعب دائبا

فقال الفرزدق:

كان الغراب مقطّع الأوداج

فما زال (الرجل) ينشده صدرا (صدرا) من قول جرير، وينشده الفرزدق عجزا (عجزا) ، حتى ظنّ الرجل أنّ الفرزدق قالها (وأنّ جريرا سرقها) ، ثم قال

طور بواسطة نورين ميديا © 2015