فأمر له بمائة ناقة من نعم كلب، فقال له جرير: يا أمير المؤمنين، نحن أشياخ، وليس فى واحد منّا فضل عن راحلته، والإبل أبّاق، قال: فنجعل أثمانها لك رقة؟ قال: لا، ولكن الرّعاء، فأمر له بثمانية أعبد، فقال جرير:
والمحلب يا أمير المؤمنين! فنبذ إليه إحداهنّ بالخيزرانة، وقال: خذها لا نفعتك! ففى ذلك يقول جرير:
أعطوا هنيدة يحدوها ثمانية ... ما فى عطائهم منّ ولا سرف [1]
806* قال أبو عبيدة: كان الفرزدق بالمربد، فمرّ به رجل قدم من اليمامة، فقال له: من أين وجهك؟ قال: من اليمامة، قال: فهل علقت من جرير شيئا؟
فأنشده:
هاج الهوى بفؤادك المهتاج
فقال الفرزدق:
فانظر بتوضح باكر الأحداج [2]
فقال:
هذا هوى شغف الفؤاد مبرّح
فقال الفرزدق:
ونوى تقاذف غير ذات خلاج [3]
فقال:
ليت الغراب غداة ينعب دائبا
فقال الفرزدق:
كان الغراب مقطّع الأوداج
فما زال (الرجل) ينشده صدرا (صدرا) من قول جرير، وينشده الفرزدق عجزا (عجزا) ، حتى ظنّ الرجل أنّ الفرزدق قالها (وأنّ جريرا سرقها) ، ثم قال