العطش، فاستسقى، فخرج إليه ابنتاه بعسّ (فيه لبن) ، فرأتاه أعور كبيرا، فأبدتا له بعض الجفوة، وذكرتا هرمه وعوره، فغضب وجاز ولم يشرب، وبلغ أباهما الخبر، فتبعه ليردّه، فلم يرجع، فقال له: ارجع ولك أعجبهما إليك، فرجع وقال قصيدته (هذه) ، وهى أجود شعره [1] :
كان الشّباب لحاجات وكنّ له ... فقد فزعت إلى حاجاتى الأخر
يا حرّ أمست تليّات الصّبا ذهبت ... فلست منها على عين ولا أثر [2]
يا حرّ أمسى سواد الرّأس خالطه ... شيب القذال اختلاط الصّفو بالكدر
يا حرّ أمسيت شيخا قد وهى بصرى ... والتاث ما دون يوم البعث من عمرى
يا حرّ من يعتذر من أن يلمّ به ... ريب الزّمان فإنى غير معتذر
قالت سليمى ببطن القاع من سرج ... لا خير فى المرء بعد الشّيب والكبر [3]
واستهزأت تربها منّى فقلت لها: ... ماذا تعيبان منّى يا بنتى عصر
لولا الحياء وباقى الدّين عبتكما ... ببعض ما فيكما إذ عبتما عورى
(قد كنت أهدى ولا أهدى فعلّمنى ... حسن المقادة أنى فاتنى بصرى)
قد قلتما لى قولا لا أبا لكما ... فيه حديث على ما كان من قصر
أخذه من قول امرئ القيس
وحديث مّا على قصره
أى أىّ حديث