جميع الأرض، ولأن أهل خراسان كان فيهم الأجواد المبرزون، والأنجاد المشهورون الذين لا يجارون، ولا يبلغ شأوهم1.

ومعلوم أن خراسان كانت تابعة للدولة الساسانية قبل فتح العرب لها، وأنه كان بكل ولاية من ولاياتها حاكم فارسي يعرف بالمرزبان. أما الشؤون المحلية والمالية فكانت توكل في الأعم إلى الدهاقين من أهل خراسان، وهم أصحاب الضياع والمزارع الكبيرة2، وكان الفرس يكلفون الزراع بدفع ضريبة التاج، وبدفع ضريبة أخرى ترمز إلى عبوديتهم وخضوعهم للغالب3.

ويحاول فان فلوتن جاهدا أن يثبت أن العرب أساءوا إلى أهل خراسان بعد فتحهم لبلادهم، وأنهم ظلموهم ظلما فادحا، سواء بإرهاقهم بالضرائب الباهظة، أو بمعاملتهم شر المعاملة4، وهو يبرهن على ذلك بقليل من المخالفات التي ارتكبها بعض العمال، الذين تشددوا في استخراج الجزية، ومضوا يجمعونها ممن أسلم منهم وذلك بين في شكاية أبي الصيداء إلى عمر بن عبد العزيز حين قدم إليه من خراسان، وتظلم من أن عشرين ألفا من الموالي يغزون مع العرب بلا عطاء ولا رزق، وأن مثلهم قد أسلموا من أهل الذمة تؤخذ منهم الجزية، كما استغاث به من جفاء الأمير وعصبيته5 ويبرهن عليه بثورة الحارث بن سريج التميمي، وباتباع جماعة من الموالي له، ومناصرتهم إياه6. ويحتج له أيضا بما أصاب أهل سمرقند من إجحاف، لأن العرب فرضوا عليهم خراجا عاليا، واستمروا يجبون الجزية من مسلميهم7.

وأهم ما يؤخذ على فان فلوتن في كل ما ذهب إليه، ودلل عليه أنه يفرط في التعميم، ويتوسع في استنتاج الأحكام، بحيث يتخذ من المخالفة اليسيرة وسيلة إلى

طور بواسطة نورين ميديا © 2015