ولما كان زياد لا يمدح إلا من أجل العطاء، فإن كثيرين ممن اختلف إليهم لم يهتضموه ولم يكافئوه، بل استثقلوه ومطلوه. فلم يسلم أحد تباطأ في عطائه من هجائه. والأمثلة على ذلك كثيرة. فقد سار إلى الحضين بن المنذر الرقاشي البكري، وهو عامل لعلي بن أبي طالب بإصخطر، فازور عنه، ولم يصله، فقال يهجوه بالبخل لا في وقت الجدب، بل في أيام الرخاء والخصب1:
يسد حضين بابه خشية القرى ... بإصطخر والشاة السمين بدرهم
وممن مدحهم وصدوه عباد بن الحصين الحبطي التميمي، وكان على شرطة عبد الله بن معمر التميمي، نائب مصعب بن الزبير بالبصرة. وفيه يقول هاجيا له بوضاعة نسبه، وسوء أخلاقه2:
لعمرك إنني وأبا حميد ... كما النشوان والرجل الحليم
أريد حباءه ويريد قتلي ... وأعلم أنه الرجل اللئيم
فإن الحمر من شر المطايا ... كما الحبطات شر بني تميم
وله يقول وقد امتدحه وسأله حاجته فخذله3:
سألت أبا جهضم حاجة ... وكنت أراه قريبا يسيرا
فلو أنني خفت منه الخلا ... ف والمنع لي لم أسله نقيرا4
وكيف الرجاء لما عنده ... وقد خالط البخل منه الضميرا
أقلني أبا جهضم مدحتي ... فإني امرؤ كان ظني غرورا5