معتذرين وراجين أن يقلع عن التعريض بهم، وعرفوه أنهم خلعوا زيادا حتى لا يسبوا به. فاستغل تحللهم منه، وراح يعيره بأنه هان عليهم حتى لفظوه، وأن تنصلهم منه، شاع في معسكرات الجنود، وفشا في المساجد، فاحتقره الناس وتحاموه. ثم هجم عليه من ناحية نسبه وأصله، فغمزه بأنه نصراني بل مشرك، وأن بناته لم يختتن، وأنهن جوار ممتهنات مبتذلات، فقيرات معدمات، وأنهن يعملن لكي يتعيشن، وبعد كل هذه السخرية ادعى أنه يكرم نفسه ويجلها عن الرد عليه، فهو ذمي لا قيمة له، وإن قتله لم يقتل به. وذلك قوله1:

لعمرك إني لابن زروان إذ عوى ... لمحتقر في دعوة الود زاهد

وما لك أصل يا زياد تعده ... وما لك في الأرض العريضة والد

ألم تر عبد القيس منك تبرأت ... فلاقيت ما لم يلق في الناس واحد

وما طاش سهمي عنك يوم تبرأت ... لكيز بن أفصى منك والجند حاشد

ولا غاب قرن الشمس حتى تحدثت ... بنفيك سكان القرى والمساجد2

فاصبحت علجا من يزرك ومن يزر ... بناتك يعلم أنهن ولائد

وأصبحت قلفا يغتزلن بأجرة ... حواليك لم تجرح بهن الحدائد

نفرن من الموسى وأقررن بالتي ... يقر عليها المقرفات الكواسد3

باصطخر لم يلبسن من طول فاقة ... جديدا، ولا تلقى لهن الوسائد

وما أنت بالمنسوب في آل عامر ... ولا ولدتك المحصنات المواجد

ولا ربيتك الحنظلية إذ غذت ... بنيها ولا جيبت عليك القلائد4

ولكن عذاك المشركون وزاحمت ... قفاك وخديك البظور العوارد5

طور بواسطة نورين ميديا © 2015