أقتيب قد قلنا غداة لقيتنا ... بدل لعمرك من يزيد أعور1
ويقول مستهينا به، ومفضلا أيام ابن المهلب على أيامه في يمنها وبركتها وعموم خيرها2:
كانت خراسان أرضا إذ يزيد بها ... وكل باب من الخيرات مفتوح
فبدلت بعده قتبا نطيف به ... كأنما وجهه بالخل منضوح3
فهو يعيب قتيبة بعد مصرعه، ويطري المهالبة، زعماء الأزد، لأنهم حلفاء بكر، غير أنه لم يكن يتعصب لهم باستمرار، وإنما كان يميل إليهم، ويثني عليهم ما داموا يتمسكون بالحلف المعقود بينهم، ويحترمونه، وما داموا يخلصون لقومه، ويراعون مصالحهم، أما إذا تباعدوا عنهم، أو أهدروا حقوقهم، فكان ينبري لتجريحهم وتهديدهم، فقبيلته هي الأصل، ومنافعها هي الأهم. فحين أخر يزيد بن المهلب البكريين بعض التأخير، وعرض بهم أخف التعريض، صب نهار عليه ألذع هجائه صبا4. وحين أسرف في قطيعتهم، واحتجب عنهم، وعبس في وجوههم، واصطنع أهل الشام وخراسان واعتمد عليهم، لم يعاتبه عتابا رقيقا، ولم يلمه لوما لبيقا، بل وبخه توبيخا فاحشا، كما أنذره بتمرد البكريين عليه، وعملهم من أجل الإطاحة به إذا هو لم يطرح الشاميين والخراسانيين، يقول5:
وما كنا نؤمل من أمير ... كما كنا نؤمل من يزيد
فأخطأ ظننا فيه وقدما ... زهدنا في معاشرة الزهيد