حليما إذا ما الحلم كان مروءة ... وأجهل أحيانا إذا التمسوا جهلي
ومن هجائه ما كانت حوافزه شخصية خالصة، ترجع إلى اعتزازه بذاته، وإحساسه بأنه ينبغي أن يعظم ويكرم. ومن أجل ذلك فإنه هجا كل من تخلف عن الاحتفال به، وهجا بعض الشعراء الذين كانوا ينافسونه، والذين فازوا بالجوائز من دونه. ففي أخباره أنه اجتاز في بعض أسفاره بمدينة كان أميرها محمد بن مالك الهمذاني الخيواني، فنزل به، فلم يهتم له، ولا أمر له بقرى، ولا هيأ له ما يهيأ للضيف أن ينزل عليه، فلما رحل عنه، هجاه بأبيات وازن فيها بين بطون همدان من بكيل وخيوان، مادحا الأولين الذين لا ينتمي محمد إليهم، ومجرحا الأخيرين الذين تحدر منهم، كما عيره بأنه دعي في خوان على هوانهم، مغمور بينهم على وضاعتهم، وأنه حقير منبوذ، ولذلك ردته كندة حين خطب إليها، يقول1:
لو ان بكيلا هم قومه ... وكان أبوه أبا العاقب2
لاكرمنا إذ مررنا به ... كرامة ذي الحسب الثاقب
ولكن خيوان هم قومه ... فبئس هم القوم للصاحب
وأنت سنيد بهم ملصق ... كما ألصقت رقعة الشاعب3
وحسبك حسبك عند النثا ... بأفعال كندة من عائب4
خطبت فجازوك لما خطبت ... جزاء يسار من الكاعب5