تختفي عند الشدة، وتقل عند الفزع، وأنها تتنكر للصديق، وتقعد عن منازلة العدو، غامز أرجالها بأنهم ليسوا من أولي الأصول العريقة المعروفة، ولا من ذوي العزائم الكبيرة، ولذلك فإنه لم يعد يرى جدوى في محالفة الأزد لهم. يقول1:
عصافير تنزو في الفساد وفي الوغى ... إذا راعها روع جماميح بروق2
أأحلم عن ذبان بكر بن وائل ... ويعلق من نفسي الأذى كل معلق
ألم أك قد قلدتكم طوق خزية ... وأنكلت عنكم فيكم كل ملصق3
لعمرك ما استخلفت بكرا ليشغبوا ... علي وما في حلفكم من معلق4
ضممتكم ضما إلي وأنتم ... شتات كفقع القاعة المتفرق5
فأنتم على الأدنى أسود خفية ... وأنتم على الأعداء خزان سملق6
فالبكريون في نظره عيال على الأزد، لا يغنون في الأزمات، ومع ذلك فإنهم ينافرونهم وينازعونهم. وهو يردد هذا المعنى في بيتين آخرين، إذ يأخذ على البكريين قلة وفائهم بالعهود، وتقصيرهم فيما يوجبه الحلف المعقود بينهم وبين الأزد من التزامات. بل إنه يصرح بأنهم إنما يفزعون إلى الأزد في المآزق. فإذا ما فرجوها عنهم، واستأنفوا حياتهم مطمئنين، عادوا إلى سيرتهم الأولى مع الأزد، وابتعدوا منهم. يقول7:
بكر أخونا إذا نابته نائبة ... وليس منا إذا ما خوفه أمنا
إني لأرمي بنبلي من ورائهم ... ولا أرى الأمر شجانا لهم شجنا