المهلب واثقا به، محبا له، فكان يوليه بعض أعمال الثغور، فيحمد فيها مكانه لكفايته وشجاعته1، فارتفعت منزلته لعهده. وقد اصطدم في هذه الفترة من حياته بشاعر تميمي هو حاجب بن ذبيان المازني، لأن حاجبا مدح ابن المهلب، فأسنى له العطاء والهدية، فحسده ثابت فتهاجيا طويلا2.

وعندما أقصى الحجاج المهالبة عن خراسان، واستعمل عليها قتيبة بن مسلم الباهلي، جرب ثابت الاتصال به، فمدحه، وسأله حاجته، فلم يقضها له3. فابتعد عنه، وحقد عليه، لا لأنه خذله وأهمله فحسب، بل أيضا لأنه كان يبغضه بغضا شديدا لملاحقته المهالبة، واعتقاله لهم، وتجريد الأزد من المناصب، وتضييقه عليهم. فانحطت مكانته في عهده انحطاطا عمليا وفنيا، إذ لم يكن له دور في غزواته بما وراء النهر، كما أنه صمت عن النظم، ولم يرو له شيء من الشعر سوى أبيات معدودة هجا في بعضها قتيبة4، وشمت في بعضها بمقتله5.

وليس من شك في أن نجمه سطع في ولاية ابن المهلب الثانية على خراسان، وإن سكتت المصادر عن أخباره فيها. ولما استبد ابن المهلب بالبصرة، سنة إحدى ومائة، وأعلن بها العصيان المسلح على الأمويين، حرضه ثابت على الاستمرار في عصيانه6. ويذهب بعض القدماء إلى أنه رجع من خراسان إلى البصرة، وساهم مع ابن المهلب في مناهضته للجيش الأموي الذي قاده مسلمة بن عبد الملك، وقمع به المهالبة ومن التف حولهم7. وأكبر الظن أنه لم يرجع إليها، وإنما بقي بخراسان، ويدل على ذلك شاهدان: الأول أنه كان بخراسان سنة اثنتين ومائة، وأنه اشترك في

طور بواسطة نورين ميديا © 2015