بينهم حتى سنة ثمان وعشرين ومائة، حين غلب مروان محمد على الخلافة. فكان لذلك الصراع العنيف المتصل آثاره السيئة في خراسان، فقد عزل يزيد بن الوليد يوسف بن عمر الثقفي عن العراق، وقلدها منصور بن جمهور الكلبي1، فسعى إلى تولية أخيه منصور على خراسان، فامتنع عليه نصر2.

وأشاعت الأزد أن منظورا قادم، فهدد نصر بقتله، واتخذ مجموعة من التدابير، ليضبط أمور خراسان، ويسيطر على مقاليد الحكم فيها، أهمها أنه تخلى عن العصبية القبلية، وأشرك أكثر القبائل في الوظائف، فولى ربيعة واليمن، وولى يعقوب بن يحيى بن الحضين البكري على طخارستان، ومسعدة بن عبد الله اليشكري على خوارزم، ثم أتبعه بأبان بن الحكم الزهراني، واستعمل المغيرة بن شعبة الجهضمي على قوهستان، وأمرهم جميعا بحسن السيرة3. فدعا المغيرة قومه من بكر بقوهستان إلى مبايعة نصر فبايعوه، فقال يصف موالاتهم له، وينوه بموقفه السليم الحازم، ويثني عليه لتمكينه للعرب بخراسان ومساواته بينهم، وبره بهم، ويعلن أن قومه واثقون به، مطمئنون إليه، ثابتون على عهدهم له، حتى ينجلي الأمر، وينتهي الصدام بين بني أمية، ويلتئم شملهم، وتستقيم سياستهم4:

أقول لنصر وبايعته ... على جل بكر وأحلافها

يدي لك رهن ببكر العرا ... ق سيدها وابن وصافها

أخذت الوثيقة للمسلمين ... لأهل البلاد وألافها

إذ آل يحيى إلى ما تريد ... أتتك الرقال بأخفافها5

دعوت الجنود إلى بيعة ... فأنصفتها كل إنصافها

وطدت خراسان للمسلمين ... إذا الأرض همت بإرجافها6

طور بواسطة نورين ميديا © 2015