الشريعه للاجري (صفحة 228)

باب تفريع معرفة الإيمان والإسلام وشرائع الدين قال محمد بن الحسين: الحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات، والحمد لله على كل حال، أما بعد فاعلموا رحمنا وإياكم أن الله تعالى بعث محمدا صلى الله عليه وسلم إلى الناس كافة ليقروا بتوحيده، فيقولوا: لا إله إلا

بَابُ تَفْرِيعِ مَعْرِفَةِ الْإِيمَانِ وَالْإِسْلَامِ وَشَرَائِعِ الدِّينِ قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ: الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي بِنِعْمَتِهِ تَتِمُّ الصَّالِحَاتُ، وَالْحَمْدُ لِلَّهِ عَلَى كُلِّ حَالٍ، أَمَّا بَعْدُ فَاعْلَمُوا رَحِمَنَا وَإِيَّاكُمْ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى بَعَثَ مُحَمَّدًا صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى النَّاسِ كَافَّةً لِيُقِرُّوا بِتَوْحِيدِهِ، فَيَقُولُوا: لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ فَكَانَ مَنْ قَالَ هَذَا مُوقِنًا مِنْ قَلْبِهِ وَنَاطِقًا بِلِسَانِهِ أَجْزَأَهُ، وَمَنْ مَاتَ عَلَى هَذَا فَإِلَى الْجَنَّةِ، فَلَمَّا آمَنُوا بِذَلِكَ، وَأَخْلَصُوا تَوْحِيدَهُمْ، فَرَضَ عَلَيْهِمُ الصَّلَاةَ بِمَكَّةَ، فَصَدَّقُوا بِذَلِكَ، وَآمَنُوا وَصَلَّوْا، ثُمَّ فَرَضَ عَلَيْهِمُ الْهِجْرَةَ، فَهَاجَرُوا، وَفَارَقُوا الْأَهْلَ وَالْوَطَنَ، ثُمَّ فَرَضَ عَلَيْهِمْ بِالْمَدِينَةِ الصِّيَامَ، فَآمَنُوا وَصَدَّقُوا وَصَامُوا شَهْرَ رَمَضَانَ، ثُمَّ فَرَضَ عَلَيْهِمُ الزَّكَاةَ، فَآمَنُوا وَصَدَّقُوا، وَأَدَّوْا ذَلِكَ كَمَا أُمِرُوا، ثُمَّ فَرَضَ عَلَيْهِمُ الْجِهَادَ، فَجَاهَدُوا الْبَعِيدَ وَالْقَرِيبَ، وَصَبَرُوا وَصَدَّقُوا، ثُمَّ فَرَضَ عَلَيْهِمُ الْحَجَّ، فَحَجُّوا وَآمَنُوا بِهِ، فَلَمَّا آمَنُوا بِهَذِهِ الْفَرَائِضِ، وَعَمِلُوا بِهَا تَصْدِيقًا بِقُلُوبِهِمْ، وَقَوْلًا بِأَلْسِنَتِهِمْ، وَعَمَلًا بِجَوَارِحِهِمْ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا} [المائدة: 3] ثُمَّ أَعْلَمَهُمْ أَنَّهُ لَا يَقْبَلُ فِي الْآخِرَةِ إِلَّا دِينَ الْإِسْلَامِ فَقَالَ تَعَالَى: {وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلَامِ دِينًا فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ، وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ} [آل عمران: 85] وَقَالَ تَعَالَى: {إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الْإِسْلَامُ} [آل عمران: 19] ، وَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " بُنِيَ الْإِسْلَامُ عَلَى خَمْسٍ: شَهَادَةِ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ، وَإِقَامِ الصَّلَاةِ وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ، وَصَوْمِ شَهْرِ رَمَضَانَ، وَحَجِّ الْبَيْتِ الْحَرَامِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا " ثُمَّ بَيَّنَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِأُمَّتِهِ شَرَائِعَ الْإِسْلَامِ، حَالًا بَعْدَ حَالٍ، وَسَنَذْكُرُ ذَلِكَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى، وَهَذَا رَحِمَكُمُ اللَّهُ طَرِيقُ الْمُسْلِمِينَ فَإِنِ احْتَجَّ مُحْتَجٌّ بِالْأَحَادِيثِ الَّتِي رُوِيَتْ: " مَنْ قَالَ: لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ دَخَلَ الْجَنَّةَ " قِيلَ لَهُ: هَذِهِ كَانَتْ قَبْلَ نُزُولِ الْفَرَائِضِ، عَلَى مَا تَقَدَّمَ ذِكْرُنا لَهُ، وَهَذَا قَوْلُ عُلَمَاءِ الْمُسْلِمِينَ، مِمَّنْ نَفَعَهُمُ اللَّهُ تَعَالَى بِالْعِلْمِ، وَكَانُوا أَئِمَّةً يُقْتَدَى بِهِمْ، سِوَى الْمُرْجِئَةِ الَّذِينَ خَرَجُوا عَنْ جُمْلَةٍ مَا عَلَيْهِ الصَّحَابَةُ، وَالتَّابِعُونَ لَهُمْ بِإِحْسَانٍ، وَقَوْلِ الْأَئِمَّةِ الَّذِينَ لَا يُسْتَوْحَشُ مِنْ ذِكْرِهِمْ فِي كُلِّ بَلَدٍ وَسَنَذْكُرُ مِنْ ذَلِكَ مَا حَضَرَنَا ذِكْرُهُ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى، وَاللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى الْمُوَفِّقِ لِكُلِّ رَشَادٍ، وَالْمُعِينُ عَلَيْهِ، وَلَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015