1905 - حَدَّثَنَا أَبُو شُعَيْبٍ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْحَسَنِ الْحَرَّانِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا -[2420]- عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرِ الرَّقِّيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ يَعْنِي ابْنَ عَمْرٍو , عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ رَاشِدٍ , عَنِ الزُّهْرِيِّ , عَنْ عُرْوَةَ , وَسَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ , وَعَلْقَمَةَ بْنِ وَقَّاصٍ , وَعُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ كُلُّهُمْ عَنْ عَائِشَةَ , رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا , فِيمَا قَالَ لَهَا أَهْلُ الْإِفْكِ فَبَرَّأَهَا اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ مِمَّا قَالُوا - قَالَ الزُّهْرِيُّ: وَكُلُّهُمْ حَدَّثَنِي طَائِفَةً مِنْ حَدِيثِهَا وَبَعْضُهُمْ كَانَ أَوْعَى لِحَدِيثِهَا مِنْ بَعْضٍ وَأَثْبَتَ لَهُ اقْتِصَاصًا , وَقَدْ وَعَيْتُ عَنْ كُلِّ رَجُلٍ مِنْهُمُ الْحَدِيثَ الَّذِي حَدَّثَنِي عَنْهَا , وَبَعْضُ حَدِيثِهِمْ يُصَدِّقُ بَعْضًا وَإِنْ كَانَ بَعْضُهُمْ أَوْعَى لَهُ مِنْ بَعْضٍ - , قَالَتْ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا أَرَادَ أَنْ يَخْرُجَ فِي سَفَرٍ أَقْرَعَ بَيْنَ أَزْوَاجِهِ فَأَيَّتُهُنَّ خَرَجَ سَهْمُهَا خَرَجَ بِهَا النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَعَهُ , قَالَتْ عَائِشَةُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا: فَأَقْرَعَ بَيْنَنَا فِي غَزْوَةٍ غَزَاهَا فَخَرَجَ سَهْمِي , فَخَرَجْنَا مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعْدَ مَا أُنْزِلَ الْحِجَابُ , فَأَنَا أُحْمَلُ فِي هَوْدَجِي وَأَنْزِلُ فِيهِ , حَتَّى إِذَا فَرَغَ مِنْ غَزْوَتِهِ تِلْكَ , وَدَنَوْنَا مِنَ الْمَدِينَةِ , آذَنَ بِالرَّحِيلِ فَخَرَجْتُ حِينَ آذَنُوا بِالرَّحِيلِ , فَتَبَرَّزْتُ لِحَاجَتِي حَتَّى جَاوَزْتُ الْجَيْشَ , فَلَمَّا قَضَيْتُ شَأْنِي رَجَعْتُ إِلَى رَحْلِي فَلَمَسْتُ صَدْرِي فَإِذَا عِقْدٌ لِي مِنْ جَزْعِ ظَفَارٍ قَدِ انْقَطَعَ، فَخَرَجْتُ فِي الْتِمَاسِهِ فَحَبَسَنِي ابْتِغَاؤُهُ، وَأَقْبَلَ الرَّهْطُ الَّذِينَ يَرْحَلُونَ بِي فَاحْتَمَلُوا هَوْدَجِي -[2421]- فَجَعَلُوهُ عَلَى بَعِيرِي الَّذِي كُنْتُ أَرْكَبُ، وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنِّي فِيهِ، وَكُنَّ النِّسَاءُ إِذْ ذَاكَ لَمْ يُهَبِّلْهُنَّ اللَّحْمُ , إِنَّمَا تَأْكُلُ إِحْدَانَا الْعُلْقَةَ مِنَ الطَّعَامِ فَلَمْ يَسْتَنْكِرِ الْقَوْمُ خِفَّةَ الْهَوْدَجِ حِينَ رَفَعُوهُ , وَكُنْتُ جَارِيَةً حَدِيثَةَ السِّنِّ , فَبَعَثُوا الْجَمَلَ , فَوَجَدْتُ عِقْدِي بَعْدَ مَا اسْتَمَرَّ الْجَيْشُ؛ فَجِئْتُ مُبَادِرَةً لَهُمْ - أَوْ قَالَتْ: مَنَازِلَهُمْ - وَلَيْسَ بِهَا مِنْهُمْ دَاعٍ وَلَا مُجِيبٌ , فَتَيَمَّمْتُ مَنْزِلِي الَّذِي كُنْتُ فِيهِ وَظَنَنْتُ أَنَّهُمْ سَيَفْقِدُونَنِي فَيَرْجِعُونَ إِلَيَّ , فَبَيْنَمَا أَنَا كَذَلِكَ فِي مَنْزِلِي إِذْ غَلَبَتْنِي عَيْنِي فَنِمْتُ، وَكَانَ صَفْوَانُ بْنُ الْمُعَطَّلِ مِنْ وَرَاءِ الْجَيْشِ , فَأَدْلَجَ , فَأَصْبَحَ عِنْدَ مَنْزِلِي , فَرَأَى سَوَادَ إِنْسَانٍ , فَأَتَانِي فَعَرَفَنِي حِينَ رَآنِي , وَقَدْ كَانَ رَآنِي قَبْلَ الْحِجَابِ , فَاسْتَيْقَظْتُ بِاسْتِرْجَاعِهِ , فَخَمَّرْتُ وَجْهِي بِجِلْبَابِي , وَاللَّهِ مَا تَكَلَّمْنَا بِكَلِمَةٍ , وَلَا سَمِعْتُ مِنَ كَلَامِهِ غَيْرَ اسْتِرْجَاعِهِ , حَتَّى أَنَاخَ رَاحِلَتَهُ فَوَطِئَ عَلَى يَدِهَا ثُمَّ رَكِبْتُهَا , فَانْطَلَقَ يَقُودُ بِي الرَّاحِلَةَ حَتَّى أَتَيْنَا الْجَيْشَ بَعْدَمَا نَزَلُوا مُوغِرِينَ فِي نَحْرِ الظَّهِيرَةِ. وَقَدْ هَلَكَ مَنْ هَلَكَ مِنْ أَهْلِ الْإِفْكِ. وَكَانَ الَّذِي تَوَلَّى كِبْرَهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أُبَيٍّ ابْنُ سَلُولَ , فَاشْتَكَيْتُ حِينَ قَدِمْتُ الْمَدِينَةَ شَهْرًا , وَالنَّاسُ يُفِيضُونَ فِي قَوْلِ الْإِفْكِ , وَلَا أَشْعُرُ بِشَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ , وَهُوَ يُرِيبُنِي فِي وَجَعِي أَنِّي لَا أَعْرِفُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اللُّطْفَ الَّذِي كُنْتُ أَرَاهُ حِينَ أَشْتَكِي , إِنَّمَا يَدْخُلُ فَيَقُولُ: «كَيْفَ تِيكُمْ؟» ثُمَّ يَنْصَرِفُ فَذَاكَ الَّذِي يُرِيبُنِي مِنْهُ , وَلَا أَشْعُرُ بِشَيْءٍ حَتَّى خَرَجْتُ بَعْدَ مَا نَقِهْتُ أَنَا وَأُمُّ مِسْطَحٍ , وَهِيَ ابْنَةُ أَبِي رُهْمِ بْنِ الْمُطَّلِبِ، وَأُمُّهَا ابْنَةُ أَبِي صَخْرِ بْنِ عَامِرٍ -[2422]- خَالَةُ أَبِي بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ , وَابْنُهَا مِسْطَحُ بْنُ أُثَاثَةَ فَأَقْبَلْتُ أَنَا وَأُمُّ مِسْطَحٍ حَتَّى فَرَغْنَا مِنْ شَأْنِنَا , فَعَثَرَتْ أُمُّ مِسْطَحٍ فِي مِرْطِهَا , فَقَالَتْ: تَعِسَ مِسْطَحٌ , فَقُلْتُ: بِئْسَمَا قُلْتِ تَسُبِّينَ رَجُلًا شَهِدَ بَدْرًا قَالَتْ: أَوَلَمْ تَسْمَعِي مَا قَالَ؟ . قُلْتُ: فَمَاذَا؟ فَأَخْبَرَتْنِي بِقَوْلِ أَهْلِ الْإِفْكِ , فَازْدَدْتُ مَرَضًا عَلَى مَرَضِي. فَلَمَّا رَجَعْتُ دَخَلَ عَلَيَّ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثُمَّ قَالَ: «كَيْفَ تِيكُمْ؟» قُلْتُ: تَأْذَنُ لِي فَآتِي أَبَوَيَّ , وَأَنَا حِينَئِذٍ أُرِيدُ أَنْ أَسْتَقْصِيَ الْخَبَرَ مِنْ قِبَلِهِمَا , قَالَتْ: فَأَذِنَ لِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , فَأَتَيْتُ أَبَوَيَّ , فَقُلْتُ لِأُمِّي: يَا أُمَّهْ مَاذَا يَتَحَدَّثُ النَّاسُ بِهِ؟ . قَالَتْ: يَا بُنَيَّةُ هَوِّنِي عَلَيْكِ , قَلَّمَا كَانَتِ امْرَأَةٌ وَضِيئَةٌ جَمِيلَةٌ عِنْدَ رَجُلٍ يُحِبُّهَا وَلَهَا ضَرَائِرُ إِلَّا كَثَّرْنَ عَلَيْهَا , قَالَتْ: قُلْتُ: سُبْحَانَ اللَّهِ وَقَدْ تَحَدَّثَ النَّاسُ بِهَذَا , قَالَتْ: فَبَكَيْتُ تِلْكَ اللَّيْلَةَ حَتَّى أَصْبَحْتُ لَا يَرْقَأُ لِي دَمْعٌ , وَلَا أَكْتَحِلُ بِنَوْمٍ. ثُمَّ أَصْبَحْتُ أَبْكِي , فَدَعَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلِيًّا وَأُسَامَةَ بْنَ زَيْدٍ حِينَ اسْتَلْبَثَ الْوَحْيُ عَلَيْهِ يَسْتَشِيرُهُمَا فِي فِرَاقِ أَهْلِهِ , فَأَمَّا أُسَامَةُ فَأَشَارَ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِمَا يَعْلَمُ مِنْ بَرَاءَةِ أَهْلِهِ وَبِالْوُدِّ الَّذِي لَهُمْ فِي نَفْسِهِ , فَقَالَ: وَاللَّهِ يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا نَعْلَمُ إِلَّا خَيْرًا , وَأَمَّا عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ , فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ لَمْ يُضَيِّقِ اللَّهُ عَلَيْكَ , وَالنِّسَاءُ سِوَاهَا كَثِيرٌ , وَسَلِ الْجَارِيَةَ تَصْدُقُكَ , وَدَعَا بَرِيرَةَ , فَقَالَ: «يَا بَرِيرَةُ , هَلْ رَأَيْتِ شَيْئًا يَرِيبُكِ؟» قَالَتْ: لَا وَالَّذِي بَعَثَكَ بِالْحَقِّ , إِنْ رَأَيْتُ أَمْرًا أَغْمِصُهُ عَلَيْهَا أَكْثَرَ مِنْ أَنَّهَا جَارِيَةٌ حَدِيثَةُ السِّنِّ تَنَامُ عَنْ عَجِينِ أَهْلِهَا فَيَأَتِي الدَّاجِنُ فَتَأْكُلُهُ , فَصَعِدَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمِنْبَرَ , فَاسْتَعْذَرَ مِنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أُبَيٍّ ابْنِ سَلُولَ فَقَالَ: «مَنْ يَعْذِرُنِي مِنْ رَجُلٍ قَدْ بَلَغَنِي أَذَاهُ فِي أَهْلِي , فَوَ اللَّهِ مَا عَلِمْتُ عَلَى أَهْلِي إِلَّا -[2423]- خَيْرًا , وَقَدْ ذَكَرُوا رَجُلًا مَا عَلِمْتُ عَلَيْهِ إِلَّا خَيْرًا وَمَا كَانَ يَدْخُلُ عَلَى أَهْلِي إِلَّا مَعِي» . فَقَامَ سَعْدُ بْنُ مُعَاذٍ , فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَنَا أَعْذِرُكُ مِنْهُ , إِنْ كَانَ مِنْ إِخْوَانِنَا مِنَ الْأَوْسِ ضَرَبْتُ عُنُقَهُ , وَإِنْ كَانَ مِنْ إِخْوَانِنَا مِنَ الْخَزْرَجِ أَمَرْتَنَا فَفَعَلْنَا مَا تَأْمُرُنَا بِهِ , فَقَامَ سَعْدُ بْنُ عُبَادَةَ , وَهُوَ سَيِّدُ الْخَزْرَجِ , فَقَالَ لِسَعْدِ بْنِ مُعَاذٍ: كَذَبْتَ لَعَمْرُ اللَّهِ , لَا تَقْتُلُهُ وَلَا تَقْدِرُ عَلَى قَتْلِهِ , وَقَدْ كَانَ قَبْلَ ذَلِكَ رَجُلًا صَالِحًا وَلَكِنِ اسْتَجْهَلَتْهُ الْحَمِيَّةُ , فَقَامَ أُسَيْدُ بْنُ الْحُضَيْرِ وَهُوَ ابْنُ عَمِّ سَعْدِ بْنِ مُعَاذٍ , فَقَالَ لِسَعْدِ بْنِ عُبَادَةَ: لَنَقْتُلَنَّهُ فَإِنَّكَ مُنَافِقٌ تُجَادِلُ عَنِ الْمُنَافِقِينَ , وَتَثَاوَرَ الْحَيَّانِ الْأَوْسُ وَالْخَزْرَجُ حَتَّى هَمُّوا أَنْ يَقْتَتِلُوا , وَالنَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى الْمِنْبَرِ , فَلَمْ يَزَلْ يُسَكِّنُهُمْ حَتَّى سَكَنُوا , فَمَكَثْتُ يَوْمِي ذَاكَ أَبْكِي لَا يَرْقَأُ لِي دَمْعٌ وَلَا أَكْتَحِلُ بِنَوْمٍ , وَأَصْبَحَ أَبَوَايَ عِنْدِي يَظُنَّانِ أَنَّ الْبُكَاءَ فَالِقٌ كَبِدِي. فَبَيْنَمَا هُمَا جَالِسَانِ وَأَنَا أَبْكِي إِذِ اسْتَأْذَنْتِ امْرَأَةٌ مِنَ الْأَنْصَارِ عَلَيَّ فَأَذِنْتُ لَهَا , فَجَلَسَتْ تَبْكِي مَعِي , قَالَتْ: فَبَيْنَمَا نَحْنُ كَذَلِكَ إِذْ دَخَلَ عَلَيْنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَسَلَّمَ وَجَلَسَ , وَلَمْ يَجْلِسْ قَبْلَ ذَلِكَ مُنْذُ قِيلَ مَا قِيلَ , وَقَدْ لَبِثَ شَهْرًا لَا يُوحَى إِلَيْهِ شَيْءٌ. فَتَشَهَّدَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حِينَ جَلَسَ وَقَالَ: «أَمَّا بَعْدُ يَا عَائِشَةُ , فَإِنَّهُ قَدْ بَلَغَنِي عَنْكِ كَذَا وَكَذَا , فَإِنْ كُنْتِ بَرِيئَةً فَسَيُبَرِّئُكِ اللَّهُ , وَإِنْ كُنْتِ أَلْمَمْتِ بِذَنْبٍ فَاسْتَغْفِرِي اللَّهَ ثُمَّ تُوبِي إِلَيْهِ , فَإِنَّ الْعَبْدَ إِذَا أَذْنَبَ ثُمَّ تَابَ تَابَ اللَّهُ عَلَيْهِ» -[2424]- فَلَمَّا قَضَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَقَالَتَهُ قَلَصَ دَمْعِي حَتَّى مَا أُحِسُّ مِنْهُ قَطْرَةً , فَقُلْتُ لِأَبِي: أَجِبْ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِيمَا قَالَ , فَقَالَ: وَاللَّهِ مَا أَدْرِي مَا أَقُولُ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؛ فَقُلْتُ لِأُمِّي: أَجِيبِي رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , فَقَالَتْ: وَاللَّهِ مَا أَدْرِي مَا أَقُولُ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. وَأَنَا جَارِيَةٌ حَدِيثَةُ السِّنِّ وَلَمْ أَقْرَأْ كَثِيرًا مِنَ الْقُرْآنِ , فَقُلْتُ: إِنِّي وَاللَّهِ أَعْلَمُ أَنَّكُمْ قَدْ سَمِعْتُمْ هَذَا الْحَدِيثَ حَتَّى اسْتَقَرَّ فِي أَنْفُسِكُمْ فَصَدَّقْتُمْ بِهِ , وَلَئِنْ قُلْتُ: إِنِّي بَرِيئَةٌ وَاللَّهُ يَعْلَمُ أَنِّي بَرِيئَةٌ لَا تُصَدِّقُونَنِي , فَوَاللَّهِ مَا أَجِدُ لِي وَلَكُمْ مَثَلًا إِلَّا أَبَا يُوسُفَ {فَصَبْرٌ جَمِيلٌ وَاللَّهُ الْمُسْتَعَانُ عَلَى مَا تَصِفُونَ} [يوسف: 18] . قَالَتْ: ثُمَّ تَحَوَّلْتُ فَاضْطَجَعْتُ عَلَى فِرَاشِي , وَمَا كُنْتُ أَرَى أَنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ يُنْزِلُ فِي شَأْنِي وَحْيًا يُتْلَى , لَشَأْنِي كَانَ أَحْقَرَ فِي نَفْسِي مِنْ أَنْ يَتَكَلَّمَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ فِيَّ بِأَمْرٍ مِنَ السَّمَاءِ , وَلَكِنِّي كُنْتُ أَرْجُو أَنْ يُرِيَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ نَبِيَّهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رُؤْيَا فِي النَّوْمِ يُبَرِّئُنِي اللَّهُ بِهَا , فَوَاللَّهِ مَا رَامَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَجْلِسَهُ وَلَا خَرَجَ أَحَدٌ مِنْ أَهْلِ الْبَيْتِ حَتَّى أَخَذَهُ مَا كَانَ يَأْخُذُهُ مِنَ الْبُرَحَاءِ , وَهُوَ الْعَرَقُ , حِينَ يَنْزِلُ عَلَيْهِ الْوَحْيُ , وَكَانَ إِذَا أُوحِيَ إِلَيْهِ أَخَذَهُ الْبُرَحَاءُ حَتَّى إِنَّهُ لَيَنْحَدِرُ عَلَيْهِ مِثْلُ الْجُمَانِ فِي الْيَوْمِ الشَّاتِي مِنْ ثِقَلِ الْقُرْآنِ الَّذِي يَنْزِلُ عَلَيْهِ , قَالَتْ: فَسُرِّيَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ يَضْحَكُ , فَكَانَ أَوَّلَ كَلِمَةٍ تَكَلَّمَ بِهَا -[2425]-: «أَمَّا أَنْتِ يَا عَائِشَةُ فَقَدْ بَرَّأَكِ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ» قَالَتْ: فَقُلْتُ: بِحَمْدِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ. قَالَتْ أُمِّي: قَوْمِي إِلَيْهِ , فَقُلْتُ: وَاللَّهِ لَا أَقُومُ إِلَيْهِ وَلَا أَحْمَدُ إِلَّا اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ؛ فَأَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: {إنَّ الَّذِينَ جَاءُوا بِالْإِفْكِ عُصْبَةٌ مِنْكُمْ لَا تَحْسَبُوهُ شَرًّا لَكُمْ بَلْ هُوَ خَيْرٌ لَكُمْ} إِلَى آخِرِ الْآيَاتِ الْعَشْرِ كُلِّهَا , فَلَمَّا أَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ هَذَا فِي بَرَاءَتِي؛ قَالَ أَبُو بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ , وَقَدْ كَانَ يُنْفِقُ عَلَى مِسْطَحٍ لِقَرَابَتِهِ وَفَقْرِهِ: وَاللَّهِ لَا أُنْفِقُ عَلَى مِسْطَحٍ شَيْئًا أَبَدًا بَعْدَ الَّذِي قَالَ فِي عَائِشَةَ. فَأَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ {وَلَا يَأْتَلِ أُولُو الْفَضْلِ مِنْكُمْ وَالسَّعَةِ أَنْ يُؤْتُوا أُولِي الْقُرْبَى} إِلَى قَوْلِهِ تَعَالَى {وَلْيَعْفُوا وَلْيَصْفَحُوا أَلَا تُحِبُّونَ أَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَكُمْ} [النور: 22] فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: وَاللَّهِ إِنِّي لَأُحِبُّ أَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لِي , فَرَجَعَ إِلَى مِسْطَحٍ النَّفَقَةَ الَّتِي كَانَ يُنْفِقُ عَلَيْهِ وَقَالَ: لَا أَنْزِعُهَا مِنْهُ أَبَدًا وَقَدْ كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَأَلَ زَيْنَبَ بِنْتَ جَحْشٍ عَنْ أَمْرِي؟ فَقَالَتْ: مَا رَأَيْتُ وَلَا عَلِمْتُ إِلَّا خَيْرًا أَحْمِي سَمْعِي وَبَصَرِي , قَالَتْ: وَهِيَ الَّتِي كَانَتْ تُسَامِينِي مِنْ أَزْوَاجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَعَصَمَهَا اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ بِالْوَرَعِ , وَطَفِقَتْ أُخْتُهَا حَمْنَةُ بِنْتُ جَحْشٍ فَهَلَكَتْ فِيمَنْ هَلَكَ مِنْ أَهْلِ الْإِفْكِ - قَالَ الزُّهْرِيُّ: فَهَذَا مَا انْتَهَى إِلَيَّ مِنْ خَبَرِ هَؤُلَاءِ الرَّهْطِ مِنْ هَذَا الْحَدِيثِ
-[2426]-
1906 - وَحَدَّثَنَا أَبُو جَعْفَرٍ أَحْمَدُ بْنُ يَحْيَى الْحُلْوَانِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا الْهَيْثَمُ بْنُ خَارِجَةَ قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ وَهُوَ ابْنُ يَزِيدَ بْنِ جَابِرٍ قَالَ: حَدَّثَنَا عَطَاءٌ الْخُرَاسَانِيُّ , عَنِ الزُّهْرِيِّ , عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ , أَنَّ عَائِشَةَ , حَدَّثَتْهُ , وَذَكَرَ الْحَدِيثَ , بِطُولِهِ , نَحْوًا مِنْهُ ,
1907 - وَحَدَّثَنَا أَبُو أَحْمَدَ هَارُونُ بْنُ يُوسُفَ قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي عُمَرَ الْعَدَنِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُعَاذٍ الصَّنْعَانِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا مَعْمَرٌ قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ شِهَابٍ , قَالَ ابْنُ أَبِي عُمَرَ , وَحَدَّثَنَا أَيْضًا عَبْدُ الرَّزَّاقِ قَالَ: أَنْبَأَنَا مَعْمَرٌ , عَنِ الزُّهْرِيِّ قَالَ: حَدَّثَنِي عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ , وَسَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ , وَعَلْقَمَةُ بْنُ وَقَّاصٍ اللَّيْثِيُّ , وَعُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ بْنِ مَسْعُودٍ , عَنْ حَدِيثِ عَائِشَةَ زَوْجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حِينَ قَالَ لَهَا أَهْلُ الْإِفْكِ مَا قَالُوا فَبَرَّأَهَا اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ وَذَكَرَ الْحَدِيثَ بِطُولِهِ نَحْوًا مِنَ الْحَدِيثِ الْأَوَّلِ -[2427]- قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ رَحِمَهُ اللَّهُ: فَالْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي سَرَّ نَبِيَّنَا صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِبَرَاءَةِ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا زَوْجَتِهِ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ وَلَيْسَتْ بِأُمِّ الْمُنَافِقِينَ