1614 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الْحَمِيدِ الْوَاسِطِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ رِزْقِ اللَّهِ الْكَلْوَذَانِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ حُمَيْدٍ الرَّازِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا هَارُونُ بْنُ الْمُغِيرَةِ قَالَ: حَدَّثَنِي عَمْرُو بْنُ أَبِي قَيْسٍ , عَنْ شُعَيْبِ بْنِ خَالِدٍ الْبَجَلِيِّ , عَنْ حَنْظَلَةَ بْنِ سَبْرَةَ بْنِ الْمُسَيَّبِ بْنِ نجُْبَةَ , عَنْ أَبِيهِ , عَنْ جَدِّهِ , عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: كَانَتْ فَاطِمَةُ بِنْتُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا تُذْكَرُ , فَلَا يَذْكُرُهَا أَحَدٌ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , إِلَّا أَعْرَضَ عَنْهُ , فَقَالَ سَعْدُ بْنُ مُعَاذٍ الْأَنْصَارِيُّ لِعَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: إِنِّي وَاللَّهِ مَا أَرَى النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُرِيدُ بِهَا غَيْرَكَ , فَقَالَ عَلِيٌّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: أَتَرَى ذَلِكَ؟ وَمَا أَنَا بِوَاحِدٍ مِنَ الرَّجُلَيْنِ , مَا أَنَا بِذِي دُنْيَا يُلْتَمَسُ مَا عِنْدِي , لَقَدْ عَلِمَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّ مَا لِي حَمْرَاءَ وَلَا بَيْضَاءَ , فَقَالَ لَهُ سَعْدٌ: لَتُفْرِجَنَّهَا عَنِّي , أَعْزِمُ عَلَيْكَ لَتَفْعَلَنَّ قَالَ: فَقَالَ لَهُ عَلِيٌّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: فَأَقُولُ مَاذَا؟ قَالَ: تَقُولُ لَهُ: جِئْتُكَ خَاطِبًا إِلَى اللَّهِ وَإِلَى رَسُولِهِ فَاطِمَةَ بِنْتَ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , فَإِنَّ لِي فِي ذَلِكَ فَرَحًا فَانْطَلَقَ عَلِيٌّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ , حَتَّى يَعْرِضَ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «كَأَنَّ لَكَ حَاجَةً؟» فَقَالَ: أَجَلْ فَقَالَ: «هَاتِ» -[2126]- فَقَالَ لَهُ: جِئْتُكَ خَاطِبًا إِلَى اللَّهِ وَإِلَى رَسُولِهِ , فَاطِمَةَ ابْنَةَ مُحَمَّدٍ , فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «مَرْحَبًا مَرْحَبًا» وَلَمْ يَزِدْهُ عَلَى ذَلِكَ , ثُمَّ تَفَرَّقَا , فَلَقِيَ عَلِيٌّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ سَعْدَ بْنَ مُعَاذٍ , فَقَالَ لَهُ سَعْدٌ: مَا صَنَعْتَ؟ قَالَ: قَدْ فَعَلْتُ الَّذِي كَلَّفْتَنِي , فَمَا زَادَنِي عَلَى أَنْ رَحَّبَ بِي , فَقَالَ لَهُ سَعْدٌ: بِالرِّفْعَةِ وَالْبَرَكَةِ , قَدْ أَنْكَحَكَ وَالَّذِي بَعَثَهُ بِالْحَقِّ , إِنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا يَخْلُفُ وَلَا يَكْذِبُ , أَعْزِمُ عَلَيْكَ لَتَلْقِيَنَّهُ غَدًا , وَلَتَقُولَنَّ لَهُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ مَتَى تَبْنِي لِي؟ فَقَالَ لَهُ: هَذِهِ أَشَدُّ مِنَ الْأُولَى , أَوَّلًا أَقُولُ حَاجَتِي , فَقَالَ لَهُ: لَا فَانْطَلَقَ حَتَّى لَقِيَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ لَهُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ مَتَى تَبْنِي لِي؟ فَقَالَ لَهُ: «اللَّيْلَةَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ» ثُمَّ انْصَرَفَ , فَدَعَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِلَالًا , فَقَالَ لَهُ: «إِنِّي قَدْ زَوَّجْتُ فَاطِمَةَ ابْنَتِي مِنَ ابْنِ عَمِّي , وَأَنَا أُحِبُّ أَنْ يَكُونَ مِنْ أَخْلَاقِ أُمَّتِي الطَّعَامُ عِنْدَ النِّكَاحِ , اذْهَبْ يَا بِلَالُ إِلَى الْغَنَمِ , فَخُذْ شَاةً وَخَمْسَةَ -[2127]- أَمْدَادٍ فَاجْعَلْ لِي قَصْعَةً لَعَلِّي أَجْمَعُ عَلَيْهَا الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ» قَالَ: فَفَعَلَ ذَلِكَ , وَأَتَاهُ بِهَا حِينَ فَرَغَ , فَوَضَعَهَا بَيْنَ يَدَيْهِ قَالَ: فَطَعَنَ فِي أَعْلَاهَا ثُمَّ تَفَلَ فِيهَا وَبَرَّكَ , ثُمَّ قَالَ: «ادْعُ النَّاسَ إِلَى الْمَسْجِدِ , وَلَا تُفَارِقْ رُفْقَةً إِلَى غَيْرِهَا» فَجَعَلُوا يَرِدُونَ عَلَيْهَا رُفْقَةً رُفْقَةً , كُلَّمَا نَهَضَتْ رُفْقَةٌ , وَرَدَتْ أُخْرَى , حَتَّى تَتَابَعُوا , ثُمَّ كَفَتْ فَتَفَلَ عَلَيْهِ وَبَرَّكَ , ثُمَّ قَالَ: " يَا بِلَالُ احْمِلْهَا إِلَى أُمْهَاتِكَ , وَقُلْ لَهُنَّ: كُلْنَ وَأَطْعِمْنَ مَنْ غَشِيَكُنَّ" فَفَعَلَ ذَلِكَ بِلَالٌ , ثُمَّ إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دَخَلَ عَلَى النِّسَاءِ فَقَالَ لَهُنَّ: «إِنِّي قَدْ زَوَّجْتُ ابْنَتِي مِنَ ابْنِ عَمِّي , وَقَدْ عَلِمْتُنَّ مَنْزِلَتَهَا مِنِّي وَإِنِّي دَافِعُهَا إِلَيْهِ الْآنَ , فَدُونَكُنَّ ابْنَتَكُنَّ» فَقُمْنَ إِلَى الْفَتَاةِ , فَعَلِقْنَ عَلَيْهَا مِنْ حُلِيِّهِنَّ , وَطَيَّبْنَهَا , وَجَعَلْنَ فِي بَيْتِهَا فِرَاشًا حَشُوهُ لِيفًا , وَوِسَادَةً وَكِسَاءً خَيْبَرِيًّا وَمُخَضَّبًا , وَاتَّخَذْنَ أُمَّ أَيْمَنَ بَوَّابَةً , ثُمَّ إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَقْبَلَ هُوَ وَعَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ , حَتَّى جَلَسَا مَجْلِسَهُمَا , وَفَاطِمَةُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا مَعَ النِّسَاءِ , وَبَيْنَهُنَّ وَبَيْنَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حِجَابٌ , فَهَتَفَ: «يَا فَاطِمَةُ» رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا وَهِيَ فِي بَعْضِ بُيُوتِهِ , فَأَقْبَلَتْ , فَلَمَّا رَأَتْ زَوْجَهَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَصِرَتْ وَبَكَتْ , فَقَالَ لَهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «ادْنِي مِنِّي» فَدَنَتْ مِنْهُ , وَأَخَذَ بِيَدِهَا وَيَدِ عَلِيٍّ , فَلَمَّا أَرَادَ أَنْ يَجْعَلَ كَفَّهَا فِي كَفِّهِ , حَصِرَتْ وَدَمِعَتْ عَيْنَاهَا , فَرَفَعَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَأْسَهُ إِلَى عَلِيٍّ وَأَشْفَقَ أَنْ يَكُونَ بُكَاهَا مِنْ أَجْلِ أَنَّهُ لَيْسَ لَهُ شَيْءٌ , فَقَالَ لَهَا: «مَا أَلَوْتُكِ وَنَفْسِي لَقَدْ زَوَّجْتُكِ خَيْرَ أَهْلِي , وَأَيْمُ اللَّهِ , لَقَدْ زَوَّجْتُكِ سَيِّدًا فِي الدُّنْيَا , وَإِنَّهُ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الصَّالِحِينَ» قَالَ: فَلَانَ مِنْهَا , وَأَمْكَنَتْهُ مِنْ كَفِّهَا , فَقَالَ لَهُمَا: «اذْهَبَا إِلَى بَيْتِكُمَا , جَمَعَ اللَّهُ بَيْنَكُمَا , وَأَصْلَحَ بَالَكُمَا لَا تَهِيجَا سَبَبًا حَتَّى آتِيكُمَا» فَأَقْبَلَا حَتَّى جَلَسَا مَجْلِسَهُمَا , وَعِنْدَهُمَا أُمَّهَاتُ -[2128]- الْمُؤْمِنِينَ وَالنِّسَاءُ , وَبَيْنَهُنَّ وَبَيْنَ عَلِيٍّ حِجَابٌ , وَفَاطِمَةُ مَعَ النِّسَاءِ , ثُمَّ أَقْبَلَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَتَّى دَقَّ الْبَابَ , فَقَالَتْ لَهُ أُمُّ أَيْمَنَ: مَنْ هَذَا؟ فَقَالَ: «أَنَا رَسُولُ اللَّهِ» وَفَتَحَتْ لَهُ الْبَابَ , وَهِيَ تَقُولُ: بِأَبِي أَنْتَ وَأُمِّي , فَقَالَ لَهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أَثِمَ أَخِي يَا أُمَّ أَيْمَنَ؟» فَقَالَتْ لَهُ: وَمَنْ أَخُوكَ؟ فَقَالَ: «عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ» رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ , هُوَ أَخُوكَ وَتُزَوِّجُهُ ابْنَتَكَ؟ فَقَالَ: «نَعَمْ» فَقَالَتْ لَهُ: إِنَّمَا يُعْرَفُ الْحِلُّ وَالْحَرَامُ بِكَ فَدَخَلَ وَخَرَجْنَ النِّسَاءُ مُسْرِعَاتٌ , وَبَقِيَتْ أَسْمَاءُ بِنْتُ عُمَيْسٍ , فَلَمَّا بَصُرَتْ بِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُقْبِلًا بَهَشَتْ لِتَخْرُجَ , فَقَالَ لَهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «عَلَى رِسْلِكِ مَنْ أَنْتِ؟» فَقَالَتْ: أَنَا أَسْمَاءُ ابْنَةُ عُمَيْسٍ بِأَبِي وَأُمِّي , إِنَّ الْفَتَاةَ لَيْلَةَ يُبْنَى بِهَا لَا غِنًى بِهَا عَنِ امْرَأَةٍ , إِنْ حَدَثَ لَهَا حَاجَةٌ أَفَضَتْ بِهَا إِلَيْهَا , فَقَالَ لَهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَا أَخْرَجَكِ إِلَّا ذَلِكَ؟» فَقَالَتْ: إِي وَالَّذِي بَعَثَكَ بِالْحَقِّ , مَا أَكْذِبُ وَالرُّوحُ الْأَمِينُ عَلَيْهِ السَّلَامُ يَأْتِيكَ , فَقَالَ لَهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «فَأَسْأَلُ إِلَهِي أَنْ يَحْرُسَكِ مِنْ فَوْقِكِ , وَمِنْ تَحْتِكِ , وَمِنْ بَيْنَ يَدَيْكِ , وَمِنْ خَلْفِكِ , وَعَنْ يَمِينِكِ , وَعَنْ شِمَالِكِ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ , نَاوِلِينِي الْمِخْضَبِ , وَامْلَئِيهِ مَاءً» قَالَ: فَنَهَضَتْ أَسْمَاءُ ابْنَةُ عُمَيْسٍ فَمَلَأَتِ الْمِخْضَبِ مَاءً , ثُمَّ أَتَتْهُ بِهِ , فَمَلَأَ فَاهُ ثُمَّ مَجَّهُ فِيهِ , ثُمَّ قَالَ: «اللَّهُمَّ إِنَّهُمَا مِنِّي , وَأَنَا مِنْهُمَا , اللَّهُمَّ كَمَا أَذْهَبْتَ عَنِّي الرِّجْسَ وَطَهَّرْتَنِي , فَطَهِّرْهُمَا» ثُمَّ دَعَا فَاطِمَةَ , فَقَامَتْ إِلَيْهِ وَعَلَيْهَا النُّقْبَةُ وَإِزَارُهَا , فَضَرَبَ كَفًّا مِنْ بَيْنِ ثَدْيَيْهَا وَأُخْرَى بَيْنَ عَاتِقَيْهَا , وَبِأُخْرَى عَلَى هَامَتِهَا , ثُمَّ نَضَحَ جِلْدَهَا وَجِلْدَهُ , ثُمَّ الْتَزَمَهُمَا , ثُمَّ قَالَ: «اللَّهُمَّ إِنَّهُمَا مِنِّي وَأَنَا مِنْهُمَا , اللَّهُمَّ كَمَا أَذْهَبْتَ عَنِّي الرِّجْسَ وَطَهَّرْتَنِي , فَطَهِّرْهُمَا» ثُمَّ أَمَرَهُ بِبَقِيَّتِهِ أَنْ تَشْرَبَ وَتُمَضْمِضَ وَتَسْتَنْشِقَ وَتَتَوَضَّأَ , ثُمَّ دَعَا بِمِخْضَبٍ آخَرَ , فَصَنَعَ بِهِ كَمَا صَنَعَ بِصَاحِبِهِ مِثْلَ ذَلِكَ , وَدَعَا لَهُ كَمَا دَعَا لَهَا , ثُمَّ أَغْلَقَ عَلَيْهِمَا بَابَهُمَا وَانْطَلَقَ , -[2129]- فَزَعَمَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبَّاسٍ عَنْ أَسْمَاءِ بِنْتِ عُمَيْسٍ: أَنَّهُ لَمْ يَزَلْ يَدْعُو لَهُمَا خَاصَّةً حَتَّى وَارَتْهُ حُجْرَتُهُ , حَتَّى مَا يُشْرِكَ مَعَهُمَا فِي دُعَائِهِ أَحَدًا