فقد قال ـ رحمه الله ـ في كتابه مدارج السالكين متحدثًا عن أنواع الشرك:

(ومن أنواعه ـ أي الشرك ـ طلب الحوائج من الموتى والاستغاثة بهم والتوجه إليهم، وهذا أصل شرك العالم، فإن الميت قد انقطع عمله وهو لا يملك لنفسه ضرًا ولا نفعًا فضلاً لمن استغاث به أو سأله أن يشفع إلى الله وهذا من جهله بالشافع والمشفوع عنده، فإن الله سبحانه لا يشفع عنده إلا بإذنه، والله سبحانه لم يجعل سؤال غيره سببًا لإذنه، وإنما السبب لإذنه كمال التوحيد، فجاء هذا المشرك بسبب يمنع الإذن، والميت محتاج إلى من يدعو له كما أمرنا النبي صلى الله عليه وسلم إذا زرنا قبور المسلمين أن نترحم عليهم وندعو لهم ونسأل لهم العافية والمغفرة، فعكس المشركون هذا وزاروهم زيارة العبادة وجعلوا قبورهم أوثانًا تعبد، فجمعوا بين الشرك بالمعبود وتغيير دينه ومعاداة أهل التوحيد ونسبتهم إلى التنقص بالأموات.

وهم قد تنقصوا الخالق سبحانه بالشرك وأولياءه الموحدين بذمهم ومعاداتهم، وتنقصوا من أشركوا به غاية التنقص إذا ظنوا أنهم راضون منهم بذلك، وأنهم أمروهم به. وهؤلاء أعداء الرسل في كل زمان ومكان وما أكثر المستجيبين لهم، ولله در خليله إبراهيم عليه السلام حيث قال: (وَاجْنُبْنِي وَبَنِيَّ أَن نَّعْبُدَ الأَصْنَامَ (35) رَبِّ إِنَّهُنَّ أَضْلَلْنَ كَثِيرًا مِّنَ النَّاسِ فَمَن تَبِعَنِي فَإِنَّهُ مِنِّي وَمَنْ عَصَانِي فَإِنَّكَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ).

وما نجح من أشرك بهذا الأكبر إلا من جرد توحيده لله وعادى المشركين في الله وتقرب بمقتهم إلى الله).

طور بواسطة نورين ميديا © 2015