وتبقى هذه الأمة فيها منافقوها، فيأتيهم الله في غير الصورة التي يعرفون، فيقول: أنا ربكم، فيقولون: نعوذ بالله منك، هذا مكاننا حتى يأتينا ربنا، فإذا أتانا ربنا عرفناه، فيأتيهم الله في الصورة التي يعرفونها فيقول: أنا ربكم، فيقولون: أنت ربنا فيتبعونه ويضرب جسر جهنم)) ... ).
فهذا هو الحديث الصحيح الذي أرادوا أن يتصيدوا منه الدليل على قولهم الفاسد.
وللرد عليهم على استدلالهم أقول:
1 - أين فيه: أنه تعالى يظهر لكل أمة بالصورة التي عبدوه عليها؟ .
2 - يثبت الحديث: أن هذا التجلي لن يكون إلا في الآخرة، وهؤلاء يدينون بتلبسه بالصور في الدنيا.
3 - يدين هؤلاء: أن الله يتجلى لكل أحد بحسب اعتقاده، فإذا اعتقد في صنم أو كوكب أو عجل تجلى له في صورة معتقده، أما إذا تجلى له في صورة أخرى أنكره، أما العارف المطلق فإنه يعرف الله ـ في زعمهم ـ في كل صورة يظهر بها؛ لأنه يعتقد أن الرب عين كل شيء، هذا في حين يبين الحديث أن المؤمنين أنكروه في صورته الأولى، وعرفوه في صورته الثانية، وهؤلاء هم الرسل والأولياء، وهم ـ باعتراف هؤلاء ـ أكمل العارفين، وهم لم يعرفوه إلا في صورة واحدة، وهذا ينسف أصل دعواهم: وهو أن العارف من يعرف الله في كل صورة.