مشركي العرب كانوا مقرين بأن الله وحده خالق كل شيء، وكانوا مع هذا مشركين، قال تعالى: (وَمَا يُؤْمِنُ أَكْثَرُهُمْ بِاللَّهِ إِلَّا وَهُمْ مُشْرِكُونَ)، فليس كل من أقر بأن الله تعالى رب كل شيء وخالقه يكون عابدًا له دون ما سواه، ... ولهذا كان من أتباع هؤلاء من يسجد للشمس والقمر والكواكب ويدعوها، ويصوم وينسك لها ويتقرب إليها، ثم يقول: إن هذا ليس بشرك).
ثم على تقدير تسليمه (بأن الإله هو القادر على الاختراع) فهو تفسير باللازم للإله الحق، فإن اللازم له أن يكون خالقًا قادرًا على الاختراع، ومتى لم يكن كذلك فليس بإله حقًا وإن سمي إلهًا، وليس المراد من هذا القول: أن من عرف أن الإله هو القادر على الاختراع فقد دخل في الإسلام وأتى بتحقيق المرام من مفتاح دار السلام، فإن هذا لا يقوله أحد؛ لأنه يستلزم أن يكون كفار العرب مسلمين، ولو قدر أن بعض المتأخرين أراد هذا المعنى فهو مخطئ يرد عليه بالدلائل السمعية والعقلية على ما سيأتي بيانه في بيان ما أشرك فيه العرب قديمًا، وهل أشركوا بالله في الربوبية والخالقية أم كان شركهم في