فإن أفضل العلوم نفعاً، وأعلاها مرتبة ومنزلة هو العلم بما يجب على العبد لربه، وإلهه عز وجل، من توحيد الله في ربوبيته، وأسمائه وصفاته، وألوهيته، ومن أجل ذلك خلق الله الخلق، وبعث الرسل، وأنزل الكتب، فعلم التوحيد أشرف العلوم وأفضلها على الإطلاق، وهو حق الله على عباده أجمعين، ولهذا خلق عباده مفطورين على الإقرار به.

ولكن الشياطين تجتالهم عن الصراط السوي، وذلك يرميهم فيما يضاده ويناقضه، فكان واجباً أن يعرف ما يضاد هذا التوحيد ويناقضه لأن الأشياء تتبين بأضدادها، ألا وهو الشرك بالله، ولهذا نرى الله عز وجل غالباً يذكر التوحيد ويذكر معه ما يقابله، واشترط لصحة التوحيد اجتناب الشرك، كما أن الله تبارك وتعالى اشترط بقبول الأعمال ولدخول الجنة ولغفران الذنوب: اجتناب الشرك، واشترط لمن يرجو لقاءه أن لا يشرك به شيئاً.

فمن اجتنب الشرك في أعماله وأقواله وعصم نفسه عن أدرانه فقد هدي إلى صراط مستقيم، ويرجى له غفران الذنوب من الله الكريم. (ونسبة الشرك من التوحيد نسبة الليل من النهار والعمى من الإبصار، يعرض للأمم الموحدة كما يعرض الظلام للضياء، ويطرأ عليها كما تطرأ الأسقام على الأجسام، غير أن الظلام باعث لنور الأبصار لإفادة الراحة للأشباح، أما الشرك فعلة لنوم البصائر الموجب لشقاء الأرواح، وإذا كان حفظ الصحة بالغذاء والدواء فإن حفظ التوحيد بالعلم والدعوة، ولا يحفظ التوحيدَ علمٌ كعلم الكتاب والسنة، ولا تجلي الشرك دعوة كالدعوة بأسلوبهما).

طور بواسطة نورين ميديا © 2015