3 - قوله تعالى: (فَإِذَا رَكِبُوا فِي الْفُلْكِ دَعَوُا اللهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ فَلَمَّا نَجَّاهُمْ إِلَى الْبَرِّ إِذَا هُمْ يُشْرِكُونَ).
4 - قوله تعالى: (وَإِذَا غَشِيَهُمْ مَوْجٌ كَالظُّلَلِ دَعَوُا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ فَلَمَّا نَجَّاهُمْ إِلَى الْبَرِّ فَمِنْهُمْ مُقْتَصِدٌ وَمَا يَجْحَدُ بِآيَاتِنَا إِلَّا كُلُّ خَتَّارٍ كَفُورٍ).
فالحق الذي لا محيد عنه هو الذي دل عليه القرآن من إقرار المشركين بالربوبية لله جل شأنه، وكذا بألوهيته، لكنهم أشركوا مبررين صنيعهم بتأويلات وشبهات باطلة، فإذا كانوا في حالة الرخاء أشركوا بالله، ولكن إذا كانوا على الشدة والكرب أخلصوا دينهم لله، وتركوا طلب الدعاء من غير الله، وتركوا الاستغاثة بغير الله، بل أخلصوا ذلك كله لله، ونسوا غيره من الملائكة والأنبياء والصالحين والأصنام والأنداد.
النوع السادس: ذكر الله عن المشركين أن عندهم نوع من إيمان بالله سبحانه، وأردف ذلك ببيان كونهم مشركين به، ومعلوم أن إيمانهم كان في توحيد الربوبية، وشركهم كان في توحيد الألوهية والعبادة. ومن ذلك:
قوله تعالى في آخر سورة يوسف: (وَمَا يُؤْمِنُ أَكْثَرُهُمْ بِاللهِ إِلاَّ وَهُم مُّشْرِكُونَ). يقول المفسرون من السلف والخلف: إيمانهم بالله هو قولهم: الله خالقنا ورازقنا ومميتنا ومحيينا، وإشراكهم به هو جعلهم لله شريكًا في عبادته ودعائه، فلا يخلصون له بالطلب منه وحده، وبنحو هذا قال أهل التأويل، منهم ابن عباس، وعكرمة، ومجاهد، وعامر الشعبي، وقتادة وغيرهم.
فهذه دلالات القرآن على أن أغلب مشركي العرب كان شركهم في العبادة دون